الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ***
قَوْلُهُ وَتُؤْخَذُ منها لَا من الْعُرُوضِ. هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَيَجُوزُ الْأَخْذُ من عَيْنِهَا أَيْضًا. قَوْلُهُ وَلَا تَصِيرُ لِلتِّجَارَةِ إلَّا أَنْ يَمْلِكَهَا بِفِعْلِهِ بِنِيَّةِ التِّجَارَةِ بها فَإِنْ مَلَكَهَا بِإِرْثٍ أو مَلَكَهَا بِفِعْلِهِ بِغَيْرِ نِيَّةٍ ثُمَّ نَوَى التِّجَارَةَ بها لم تَصِرْ لِلتِّجَارَةِ وَإِنْ كان عِنْدَهُ عَرَضٌ لِلتِّجَارَةِ فَنَوَاهُ لِلْقِنْيَةِ ثُمَّ نَوَاهُ لِلتِّجَارَةِ لم يَصِرْ لِلتِّجَارَةِ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا أَنَصُّ الرِّوَايَتَيْنِ وَأَشْهَرُهُمَا وَاخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قال في الْكَافِي وَالْفُرُوعِ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لِأَنَّ مُجَرَّدَ النِّيَّةِ لَا يَنْقُلُ عن الْأَصْلِ كَنِيَّةِ إسَامَةِ الْمَعْلُوفَةِ وَنِيَّةِ الْحَاضِرِ السفر [لسفر] وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وابن تَمِيمٍ وَالشَّرْحِ وَالْكَافِي وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ أَنَّ الْعَرَضَ يَصِيرُ لِلتِّجَارَةِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ نَقَلَهُ صَالِحٌ وابن إبْرَاهِيمَ وابن مَنْصُورٍ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وابن أبي مُوسَى وابن عَقِيلٍ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَجَزَمَ بِهِ في التَّبْصِرَةِ وَالرَّوْضَةِ وَالْمُصَنِّفُ في الْعُمْدَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَمْلِكَهَا بِفِعْلِهِ الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِيمَا مَلَكَهُ الْمُعَاوَضَةُ فَحُصُولُهُ بِالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ وَالْهِبَةِ وَالْغَنِيمَةِ كَالْبَيْعِ قال في الْفُرُوعِ هذا الْأَشْهَرُ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْخِلَافِ وأبو الْخَطَّابِ وابن عَقِيلٍ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَغَيْرِهِمْ. قال الزَّرْكَشِيُّ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَمْلِكَهَا بِعِوَضٍ على الْأَصَحِّ. وَقِيلَ تُعْتَبَرُ الْمُعَاوَضَةُ سَوَاءٌ تَمَحَّضَتْ كَبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ وَنَحْوِهِمَا أو لَا كَنِكَاحٍ وَخُلْعٍ وَصُلْحٍ عن دَمٍ عَمْدٍ قال الْمَجْدُ وَهَذَا نَصُّهُ في رِوَايَةِ بن مَنْصُورٍ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ. فَعَلَى هذا الْقَوْلِ لو مَلَكَ بِغَيْرِ عِوَضٍ كَالْهِبَةِ وَالْغَنِيمَةِ وَنَحْوِهِمَا لم يَصِرْ لِلتِّجَارَةِ لِأَنَّهُ لم يَمْلِكْهُ بِعِوَضٍ أَشْبَهَ الْمَوْرُوثَ وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَإِنْ مَلَكَهُ بِفِعْلِهِ بِلَا عِوَضٍ كَوَصِيَّةٍ وَهِبَةٍ مُطْلَقَةٍ وَغَنِيمَةٍ وَاحْتِشَاشٍ وَاحْتِطَابٍ وَاصْطِيَادٍ أو بِعِوَضٍ غَيْرِ مَالِيٍّ كَدِيَةٍ عن دَمٍ عَمْدٍ وَنِكَاحٍ وَخُلْعٍ زَادَ في الْكُبْرَى أو بِعِوَضٍ مَالِيٍّ بِلَا عَقْدٍ كَرَدٍّ بِعَيْبٍ أو فَسْخٍ أو أَخْذِهِ بِشُفْعَةٍ فَوَجْهَانِ في ذلك كُلِّهِ. وَعَنْهُ يُعْتَبَرُ كَوْنُ الْعِوَضِ نَقْدًا ذَكَرَهُ أبو الْمَعَالِي وَذَكَرَ بن عَقِيلٍ رِوَايَةً فِيمَا إذَا مَلَكَ عَرَضًا لِلتِّجَارَةِ بعرض [بغرض] قِنْيَةٍ لَا زَكَاةٍ قال في الْفُرُوعِ فَهِيَ هذه الرِّوَايَةُ وقال ابن تَمِيمٍ يَخْرُجُ منها اعْتِبَارُ كَوْنِ بَدَلِهِ نَقْدًا أو عَرَضَ تِجَارَةٍ.
فَوَائِدُ: إحْدَاهَا مَعْنَى نِيَّةِ التِّجَارَةِ أَنْ يَقْصِدَ التَّكَسُّبَ بِهِ بِالِاعْتِيَاضِ عنه لَا بِإِتْلَافِهِ أو مع اسْتِبْقَائِهِ فإذا اشْتَرَى صَبَّاغٌ ما يَصْبُغُ بِهِ وَيَبْقَى كَزَعْفَرَانٍ وَنِيلٍ وَعُصْفُرٍ وَنَحْوِهِ فَهُوَ عَرَضُ تِجَارَةٍ يُقَوِّمُهُ عِنْدَ حَوْلِهِ وكذا لو اشْتَرَى دَبَّاغٌ ما يَدْبُغُ بِهِ كَعَفْصٍ وَقَرْضٍ وما يُدْهَنُ بِهِ كَسَمْنٍ وَمِلْحٍ ذَكَرَه ابن الْبَنَّا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَذَكَرَ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ لَا زَكَاةَ فيه وقال أَيْضًا لَا زَكَاةَ فِيمَا لَا يَبْقَى له أَثَرٌ في الْعَيْنِ كَالْحَطَبِ وَالْمِلْحِ وَالصَّابُونِ وَالْأُشْنَانِ والقلى [والقل] وَالنُّورَةِ وَنَحْوِ ذلك. الثَّانِيَةُ لَا زَكَاةَ في آلَاتِ الصَّبَّاغِ وَأَمْتِعَةِ النَّجَّارِ وَقَوَارِيرِ الْعَطَّارِ وَالسَّمَّانِ وَنَحْوِهِمْ إلَّا أَنْ يُرِيدُوا بَيْعَهَا بِمَا فيها وَكَذَا آلَاتُ الدَّوَابِّ إنْ كانت لِحِفْظِهَا وَإِنْ كان بَيْعُهَا مَعَهَا فَهِيَ مَالُ تِجَارَةٍ. الثَّالِثَةُ لو لم يَكُنْ ما مَلَكَهُ عَيْنَ مَالٍ بَلْ مَنْفَعَةُ عَيْنٍ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ على الصَّحِيح من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَه ابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ. وَقِيلَ لَا تَجِبُ فيه كما لو نَوَاهَا بِدَيْنٍ حَالٍّ. الرَّابِعَةُ لو بَاعَ عَرَضَ قِنْيَةٍ ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ نَاوِيًا به التِّجَارَةَ صَارَ لِلتِّجَارَةِ ذَكَرَهُ في الْفُرُوعِ وَلَوْ اشْتَرَى عَرَضَ تِجَارَةٍ بِعَرَضِ قِنْيَةٍ فَرُدَّ عليه بِعَيْبٍ انْقَطَعَ الْحَوْلُ وَمِثْلُهُ لو بَاعَ عَرَضَ تِجَارَةٍ بِعَرْضِ قِنْيَةٍ فَرُدَّ عليه قاله ابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ. وَلَوْ قَتَلَ عَبْدَ تِجَارَةٍ خَطَأً فَصَالَحَ على مَالٍ صَارَ لِلتِّجَارَةِ وَإِنْ كان عَمْدًا وَقُلْنَا الْوَاجِبُ أَحَدُ شَيْئَيْنِ فَكَذَلِكَ وَإِنْ قُلْنَا الْوَاجِبُ الْقِصَاصُ عَيْنًا لم يَصِرْ لِلتِّجَارَةِ إلَّا بِالنِّيَّةِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي في التَّخْرِيجِ وَجَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ. وَلَوْ اتَّخَذَ عَصِيرًا لِلتِّجَارَةِ فَتَخَمَّرَ ثُمَّ تَخَلَّلَ عَادَ حُكْمُ التِّجَارَةِ. وَلَوْ مَاتَتْ مَاشِيَةُ التِّجَارَةِ فَدَبَغَ جُلُودَهَا وَقُلْنَا تَطْهُرُ فَهِيَ عَرَضُ تِجَارَةٍ قَالَهُ الْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُمَا. الْخَامِسَةُ تَقْطَعُ نِيَّةُ الْقِنْيَةِ حَوْلَ التِّجَارَةِ وَتَصِيرُ لِلْقِنْيَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ كَالْإِقَامَةِ مع السَّفَرِ. وَقِيلَ لَا تَقْطَعُ إلَّا الْمُمَيِّزَةُ. وَقِيلَ لَا تَقْطَعُ نِيَّةٌ مُحَرَّمَةٌ كَنَاوِ مَعْصِيَةٍ فلم يَفْعَلْهَا فَفِي بُطْلَانِ أَهْلِيَّتِهِ لِلشَّهَادَةِ خِلَافٌ ذَكَرَهُ أبو الْمَعَالِي. قَوْلُهُ وَتُقَوَّمُ الْعُرُوض عِنْدَ الْحَوْلِ بِمَا هو أَحَظُّ لِلْمَسَاكِينِ من عَيْنٍ أو وَرِقٍ. هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا أَعْنِي سَوَاءٌ كان من نَقْدِ الْبَلَدِ أو لَا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وقال الْحَلْوَانِيُّ تُقَوَّمُ بِنَقْدِ الْبَلَدِ فَإِنْ تَعَدَّدَ فَبِالْأَحَظِّ. وَعَنْهُ لَا يُقَوَّمُ نَقْدٌ بِنَقْدٍ آخَرَ بِنَاءً على قَوْلِنَا لَا يُبْنَى حَوْلُ نَقْدٍ على حَوْلِ نَقْدٍ آخَرَ فَيُقَوَّمُ بِالنَّقْدِ الذي اشْتَرَى بِهِ.
فَوَائِدُ: الْأُولَى ما قَوَّمَهُ بِهِ لَا عِبْرَةَ بِتَلَفِهِ إلَّا قبل التَّمَكُّنِ. فَعَلَى ما سَبَقَ في أَوَاخِرِ كِتَابِ الزَّكَاةِ وَلَا عِبْرَةَ أَيْضًا بِنَقْصِهِ بَعْدَ تَقْوِيمِهِ وَلَا بِزِيَادَتِهِ إلَّا قبل التَّمَكُّنِ فإنه كَتَلَفِهِ وَإِنَّمَا قُلْنَا لم تُؤَثِّرْ الزِّيَادَةُ لِأَنَّهُ كَنِتَاجِ الْمَاشِيَةِ بَعْدَ الْحَوْلِ. الثَّانِيَةُ لو بَلَغَتْ قِيمَةُ الْعُرُوضِ بِكُلِّ نَقْدٍ نِصَابًا قُوِّمَ بِالْأَنْفَعِ لِلْفُقَرَاءِ على الصَّحِيحِ صَحَّحَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُمَا وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفِ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَغَيْرُهُمْ وهو الصَّوَابُ. وَقِيلَ يُخَيَّرُ قَالَهُ أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَقَالَهُ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي إلَّا أَنَّهُ قال يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِنَقْدِ الْبَلَدِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ على ما اصْطَلَحْنَاهُ في الْخُطْبَةِ وَقِيلَ يُقَوَّمُ بِفِضَّةٍ. الثَّالِثَةُ لو اتَّجَرَ في الْجَوَارِي لِلْغِنَاءِ قَوَّمَهُنَّ سَوَاذِجَ وَلَوْ اتَّجَرَ في الْخُصْيَانِ قَوَّمَهُمْ على صِفَتِهِمْ وَلَوْ اتَّجَرَ في آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لم يُنْظَرْ إلَى الْقِيمَةِ وهو عَاصٍ بِذَلِكَ بَلْ تَحْرِيمُ الْآنِيَةِ أَشَدُّ من تَحْرِيمِ اللِّبَاسِ لِتَحْرِيمِهَا على الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْخِرَقِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَطْلَقَ الْكَرَاهَةَ وَمُرَادُهُ التَّحْرِيمُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَالْمُتَّخِذُ آنِيَةَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ عَاصٍ وَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ وَذَلِكَ مُصْطَلَحُ الْمُتَقَدِّمِينَ في إطْلَاقِهِمْ الْكَرَاهَةَ وَإِرَادَتِهِمْ التَّحْرِيمَ وَعَلَى هذا أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ في إرَادَةِ الْخِرَقِيِّ ذلك وَقَطَعَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فيه بين أَصْحَابِنَا وفي جَامِعِ الْقَاضِي وَالْوَسِيلَةِ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ.
تَنْبِيهٌ: تَقَدَّمَ في الْبَابِ الذي قَبْلَهُ ضَمُّ الْعُرُوضِ إلَى كل وَاحِدٍ من النَّقْدَيْنِ وَضَمُّ النَّقْدَيْنِ إلَى الْعُرُوضِ في تَكْمِيلِ النِّصَابِ وَنَحْوِهِ. قَوْلُهُ وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِنِصَابٍ من السَّائِمَةِ لم يَبْنِ على حَوْلِهِ. وَكَذَا لو بَاعَهُ بِنِصَابٍ من السَّائِمَةِ وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ فِيهِمَا إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ نِصَابَ سَائِمَةٍ لِلتِّجَارَةِ بِنِصَابِ سَائِمَةٍ لِلْقِنْيَةِ فإنه يبنى على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال في الْفُرُوعِ يبنى في الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ وَقِيلَ لَا يبنى. قَوْلُهُ وَإِنْ مَلَكَ نِصَابًا من السَّائِمَةِ لِلتِّجَارَةِ فَعَلَيْهِ زَكَاةُ التِّجَارَةِ دُونَ السَّوْمِ. وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَقِيلَ عليه زَكَاةُ السَّوْمِ دُونَ التِّجَارَةِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ لِأَنَّهُ أَقْوَى لِلْإِجْمَاعِ وَتَعَلُّقُهَا بِالْعَيْنِ لَكِنْ إنْ نَقَصَ نِصَابُهُ وَجَبَتْ زَكَاةُ التِّجَارَةِ. وَقِيلَ يَلْزَمُهُ أَنْ يُزَكِّيَ بِالْأَحَظِّ مِنْهُمَا لِلْفُقَرَاءِ وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ. وَيَظْهَرُ أَثَرُ الْخِلَافِ في الْأَمْثِلَةِ في الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ وقد ذَكَرَهَا هو وَمَنْ تَبِعَهُ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفَائِقِ وابن تَمِيمٍ وقال في الرَّوْضَةِ يزكى النِّصَابَ لِلْعَيْنِ وَالْوَقْصَ لِلْقِيمَةِ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ سَوَاءٌ اتَّفَقَ حَوْلَاهُمَا أو لَا وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وَالصَّحِيحُ مِنْهُمَا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ. وَقِيلَ يقدم [قدم] السَّابِقَ في حَوْلِ السَّائِمَةِ أو التِّجَارَةِ اخْتَارَهُ الْمَجْدُ لِأَنَّهُ وُجِدَ سَبَبُ زَكَاتِهِ بِلَا مُعَارِضٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ. قَوْلُهُ فَإِنْ لم تَبْلُغْ قِيمَتُهَا نِصَابَ التِّجَارَةِ فَعَلَيْهِ زَكَاةُ السَّوْمِ. كَأَرْبَعِينَ شَاةً قِيمَتُهَا دُونَ مِائَتَيْنِ أو دُونَ عِشْرِينَ مِثْقَالًا. وَكَذَا الْحُكْمُ في عَكْسِ هذه الْمَسْأَلَةِ لو كان عِنْدَهُ ثَلَاثُونَ من الْغَنَمِ قِيمَتُهَا مِائَتَا. دِرْهَمٍ أو عِشْرُونَ مِثْقَالًا فَعَلَيْهِ زَكَاةُ التِّجَارَةِ هذا الْمَذْهَبُ في الْمَسْأَلَتَيْنِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ. قال الْمُصَنِّفُ لَا خِلَافَ فيه وَصَحَّحَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وابن تَمِيمٍ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ لَا يُقَدَّمُ ما تَمَّ نِصَابُهُ بَلْ يَغْلِبُ حُكْمُ ما يَغْلِبُ إذَا اجْتَمَعَ النِّصَابَانِ وَإِنْ أَدَّى إلَى إسْقَاطِ الزَّكَاةِ قَالَهُ أبو الْخَطَّابِ في الْخِلَافِ وَحَكَاه ابن عَقِيلٍ عن شَيْخِهِ من أَنَّهُ مَتَى نَقَصَتْ قِيمَةُ الْأَرْبَعِينَ شَاةً عن مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَلَا شَيْءَ فيها. قال الْمَجْدُ وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِهِ قال في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ غَيْرُ وَاحِدٍ بِأَنَّهُ إنْ نَقَصَ نِصَابُ السَّوْمِ وَجَبَتْ زَكَاةُ التِّجَارَةِ انْتَهَى.
تَنْبِيهٌ: هذا الْحُكْمُ الْمُتَقَدِّمُ فِيمَا إذَا لم تَبْلُغْ قِيمَتُهَا نِصَابَ التِّجَارَةِ كلا [كل] الْحَوْلِ. وَهَذَا إذَا لم يَسْبِقْ حَوْلُ السَّوْمِ فَأَمَّا إنْ سَبَقَ حَوْلُ السَّوْمِ وَكَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ من نِصَابٍ في بَعْضِ الْحَوْلِ فَلَا زَكَاةَ مُطْلَقًا حتى يَتِمَّ الْحَوْلُ من حِينِ يَبْلُغُ النِّصَابُ في وَجْهٍ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَعَنْ أَحْمَدَ ما يَدُلُّ عليه وفي وَجْهٍ آخَرَ تَجِبُ زَكَاةُ السَّوْمِ عِنْدَ حَوْلِهِ فإذا حَالَ حَوْلُ التِّجَارَةِ وَجَبَتْ زَكَاةُ الزَّائِدِ على النِّصَابِ. قُلْت وهو الصَّوَابُ وهو احْتِمَالٌ في الشَّرْحِ وَمَال إلَيْهِ. وَكَذَا حَكَى الْمُصَنِّفُ إذَا سَبَقَ حَوْلُ السَّوْمِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ. وَأَمَّا إنْ نَقَصَ عن نِصَابِ جَمِيعِ الْحَوْلِ وَجَبَتْ زَكَاةُ السَّوْمِ على أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ لِئَلَّا تسقط [يسقط] بِالْكُلِّيَّةِ صَحَّحَهُ في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ. وَقِيلَ لَا تَجِبُ زَكَاةُ السَّوْمِ.
فائدة: لو مَلَكَ سَائِمَةً لِلتِّجَارَةِ نِصْفَ حَوْلٍ ثُمَّ قَطَعَ نِيَّةَ التِّجَارَةِ اسْتَأْنَفَ حَوْلًا ولم يَبْنِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ حتى لو وُجِدَ سَبَبُ. الزَّكَاةِ بِلَا مُعَارِضٍ وَبَنَاهُ الْمَجْدُ على تَقْدِيمِ ما وُجِدَ نِصَابُهُ في الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ وَأَطْلَقَ بن تَمِيمٍ وَجْهَانِ. قَوْلُهُ وَإِنْ اشْتَرَى أَرْضًا أو نَخْلًا لِلتِّجَارَةِ فَأَثْمَرَ النَّخْلُ وَزُرِعَتْ الْأَرْضُ فَعَلَيْهِ فيها الْعُشْرُ ويزكى الْأَصْلَ لِلتِّجَارَةِ. يَعْنِي إذَا اتَّفَقَ حَوْلَاهُمَا وَهَذَا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَذَكَرَ بن منجا في شَرْحِهِ أَنَّ جَدَّهُ أَبَا الْمَعَالِي ذَكَرَ في شَرْحِ الْهِدَايَةِ أَنَّهُ اخْتِيَارُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ. قُلْت جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. وقال الْقَاضِي يُزَكِّي الْجَمِيعَ زَكَاةَ الْقِيمَةِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَصَحَّحَهُ في الْبُلْغَةِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ هذا الْمَنْصُوصُ عن أَحْمَدَ وَنَصَرَهُ. قَوْلُهُ وَلَا عُشْرَ عليه إلَّا أَنْ يَسْبِقَ وُجُوبُ الْعُشْرِ حَوْلَ التِّجَارَةِ فَيُخْرِجُهُ. اعْلَمْ أَنَّهُ تَارَةً يَتَّفِقُ حَوْلُ التِّجَارَةِ وَالْعُشْرِ في الْوُجُوبِ بِأَنْ يَكُونَ بُدُوُّ الصَّلَاحِ في الثَّمَرَةِ وَاشْتِدَادُ الْحَبِّ عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ وَكَانَتْ قِيمَةُ الْأَصْلِ تَبْلُغُ نِصَابَ التِّجَارَةِ فَهَذِهِ مَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ الْمُتَقَدِّمَةِ التي فيها الْخِلَافُ. وَتَارَةً يَخْتَلِفَانِ في وَقْتِ الْوُجُوبِ مِثْلَ أَنْ يَسْبِقَ وُجُوبُ الْعُشْرِ حَوْلَ التِّجَارَةِ أو عَكْسِهِ أو يَتَّفِقَانِ وَلَكِنَّ أَحَدَهُمَا دُونَ نِصَابٍ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ حُكْمَ السَّبْقِ هُنَا حُكْمُ ما لو مَلَكَ نِصَابَ سَائِمَةٍ لِلتِّجَارَةِ وَسَبَقَ حَوْلُ. أَحَدِهِمَا على الْآخَرِ وَحُكْمُ تَقْدِيمِ ما كَمُلَ نِصَابُهُ هُنَا حُكْمُ ما لو وَجَدَ نِصَابَ أَحَدِهِمَا كما تَقَدَّمَ قَرِيبًا جَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمَا فَقَالَا وَإِنْ اخْتَلَفَ وَقْتُ الْوُجُوبِ أو وُجِدَ نِصَابُ أَحَدِهِمَا فَكَمَسْأَلَةِ سَائِمَةِ التِّجَارَةِ التي قَبْلَهَا في تَقْدِيمِ الْأَسْبَقِ وَتَقْدِيمُ ما تَمَّ نِصَابُهُ انْتَهَيَا. وَقِيلَ يُزَكِّي عُشْرَ الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ إذَا سَبَقَ وُجُوبُهُ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْوَجِيزِ وَالْفَائِقِ قال ابن منجا في شَرْحِهِ فَلَوْ سَبَقَ نِصَابُ الْعُشْرِ وَجَبَ الْعُشْرُ وَجْهًا وَاحِدًا وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا. قُلْت الذي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا تَنَافِيَ بين الْقَوْلَيْنِ وَأَنَّ هذه الْمَسْأَلَةَ كَمَسْأَلَةِ السَّائِمَةِ التي للتجارة [للتجار] وَقَطَعَ هَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةُ بِنَاءً منهم على أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ في مَسْأَلَةِ السَّائِمَةِ التي لِلتِّجَارَةِ.
تَنْبِيهَانِ: أَحَدُهُمَا حَيْثُ أَخْرَجَ الْعُشْرَ فإنه لَا يَلْزَمُهُ سِوَى زَكَاةِ الْأَصْلِ وَحَيْثُ أَخْرَجَ عن الْأَصْلِ وَالثَّمَرَةِ وَالزَّرْعِ زَكَاةَ الْقِيمَةِ فإنه لَا يَلْزَمُهُ عُشْرٌ لِلزَّرْعِ وَالثَّمَرَةِ لَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا بين الْأَصْحَابِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا سَبَقَ وُجُوبُ الْعُشْرِ حَوْلَ التِّجَارَةِ أَنَّ عليه الْعُشْرَ مع إخْرَاجِهِ عن الْجَمِيعِ زَكَاةَ الْقِيمَةِ وَلَا قَائِلَ بِهِ وَلِذَلِكَ قال ابن منجا في شَرْحِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَعُودَ الِاسْتِثْنَاءُ إلَى الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ في الْمَسْأَلَةِ إلَى الْخِلَافِ في اعْتِبَارِ الْقِيمَةِ في الْكُلِّ أو في الْأَصْلِ دُونَ النَّمَاءِ إذَا اتَّفَقَ وُجُوبُ الْعُشْرِ وَزَكَاةِ التِّجَارَةِ. الثَّانِي فَعَلَى ما قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ يَسْتَأْنِفُ حَوْلَ التِّجَارَةِ على زَرْعٍ وَثَمَرٍ من الْحَصَادِ وَالْجِدَادِ لِأَنَّ بِهِ يَنْتَهِي وُجُوبُ الْعُشْرِ الذي لَوْلَاهُ لَكَانَا جَارِيَيْنِ في حَوْلِ التُّجَّارِ وَهَذَا الصَّحِيحُ قَدَّمَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ. وَقِيلَ لَا يَسْتَأْنِفُ عَلَيْهِمَا الْحَوْلَ حتى يُبَاعَا فَيَسْتَقْبِلُ بِثَمَنِهِمَا الْحَوْلَ كَمَالِ الْقِنْيَةِ وهو تَخْرِيجٌ في شَرْحِ الْمَجْدِ وَجَزَمَ بن تَمِيمٍ أَنَّهُ يَخْرُجُ على مَالِ الْقِنْيَةِ.
فَوَائِدُ: الْأُولَى لو نَقَصَ كُلُّ وَاحِدٍ عن النِّصَابِ وَجَبَتْ زَكَاةُ التِّجَارَةِ وَإِنْ بَلَغَ أَحَدُهُمَا نِصَابًا اُعْتُبِرَ الْأَحَظُّ لِلْفُقَرَاءِ. الثَّانِيَةُ لو زَرَعَ بَذْرًا لِلْقِنْيَةِ في أَرْضِ التِّجَارَةِ فَوَاجِبُ الزَّارِعِ الْعُشْرُ وَوَاجِبُ الْأَرْضِ زَكَاةُ الْقِيمَةِ وَلَوْ زَرَعَ بَذْرًا لِلتِّجَارَةِ في أَرْضٍ قِنْيَةٍ فَهَلْ يزكى الزَّرْعَ زَكَاةَ عُشْرٍ أو قِيمَةٍ فيه الْخِلَافُ في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ. الثَّالِثَةُ لو كان الثَّمَرُ لَا زَكَاةَ فيه كَالسَّفَرْجَلِ وَالتُّفَّاحِ وَنَحْوِهِمَا أو كان الزَّرْعُ لَا زَكَاةَ فيه كَالْخَضْرَاوَاتِ أو كان الْعَقَارُ لِتِجَارَةٍ وَعَبِيدُهَا أُجْرَةً ضَمَّ قِيمَةَ الثَّمَرَةِ وَالْأُجْرَةِ إلَى قِيمَةِ الْأَصْلِ في الْحَوْلِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كالربح [كالريح] وَقِيلَ لَا يَضُمُّ. الرَّابِعَةُ لو أَكْثَرَ من شِرَاءِ عَقَارٍ فَارًّا من الزَّكَاةِ قال في الْفُرُوعِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ أو صَرِيحُهُ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ عليه وَقِيلَ عليه الزَّكَاةُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْحَاوِيَيْنِ. الْخَامِسَةُ لَا زَكَاةَ في قِيمَةِ ما أُعِدَّ لِلْكِرَاءِ من عَقَارٍ وَحَيَوَانٍ وَغَيْرِهِمَا وَذَكَرَ بن عَقِيلٍ في ذلك تَخْرِيجًا من الحلى الْمُعَدِّ لِلْكِرَاءِ. السَّادِسَةُ لَا زَكَاةَ في غَيْرِ ما أُعِدَّ لِلتِّجَارَةِ من عَرَضٍ وَحَيَوَانٍ وَعَقَارٍ وَثِيَابٍ وَشَجَرٍ وَتَقَدَّمَ في أَوَّلِ الْبَابِ ما لَا تَجِبُ فيه الزَّكَاةُ من الْآلَاتِ وَالْأَمْتِعَةِ وَالْقَوَارِيرِ وَنَحْوِهَا التي لِلصُّنَّاعِ وَالتُّجَّارِ وَالسُّمَّانِ وَنَحْوِهِمْ. السَّابِعَةُ لو اشْتَرَى شِقْصًا لِلتِّجَارَةِ بِأَلْفٍ فَصَارَ عِنْدَ الْحَوْلِ بِأَلْفَيْنِ زَكَّاهُمَا وَأَخَذَهُ الشَّفِيعُ بِأَلْفٍ وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِأَلْفَيْنِ فَصَارَ عِنْدَ حَوْلِهِ بِأَلْفٍ زَكَّى أَلْفًا وَاحِدَةً وَأَخَذَهُ الشَّفِيعُ بِأَلْفَيْنِ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ بِمَا وَقَعَ عليه الْعَقْدُ. قَوْلُهُ وإذا أَذِنَ كُلُّ وَاحِدٍ من الشَّرِيكَيْنِ لِصَاحِبِهِ في إخْرَاجِ زَكَاتِهِ فَأَخْرَجَاهَا مَعًا ضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَ صَاحِبِهِ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمُوهُ لِأَنَّهُ انْعَزَلَ حُكْمًا لِأَنَّهُ لم يَبْقَ على الْمُوَكِّلِ زَكَاةٌ كما لو عَلِمَ ثُمَّ نَسِيَ وَالْعَزْلُ حكما يَسْتَوِي فيه الْعِلْمُ وَعَدَمُهُ بِدَلِيلِ ما لو وكل [وكله] في بَيْعِ عَبْدٍ فَبَاعَهُ الْمُوَكِّلُ أو أَعْتَقَهُ وزاد في شَرْحِ الْمُحَرَّرِ وَجَهِلَ السَّبْقَ قال ابن نَصْرِ اللَّهِ وهو غَرِيبٌ حَسَنٌ. وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ من لم يَعْلَمْ بِإِخْرَاجِ صَاحِبِهِ بِنَاءً على أَنَّ الْوَكِيلَ لَا يَنْعَزِلُ قبل الْعِلْمِ. وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ قُلْنَا يَنْعَزِلُ قبل الْعِلْمِ لِأَنَّهُ غَرَّهُ كما لو وَكَّلَهُ في قَضَاءِ دَيْنٍ فَقَضَاهُ بَعْدَ قَضَاءِ الْمُوَكِّلِ ولم يَعْلَمْ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ. وَفَرَّقَ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ لم يُفَوِّتْ حَقَّ الْمَالِكِ بِدَفْعِهِ إذْ له الرُّجُوعُ على الْقَابِضِ وقال في الرِّعَايَةِ ضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَقَّ الْآخَرِ. وَقِيلَ لَا كَالْجَاهِلِ مِنْهُمَا وَالْفَقِيرِ الذي أَخَذَهَا مِنْهُمَا في الْأَقْيَسِ فِيهِمَا قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال. قَوْلُهُ وَإِنْ أَخْرَجَهَا أَحَدُهُمَا قبل الْآخَرِ ضَمِنَ الثَّانِي نَصِيبَ الْأَوَّلِ عَلِمَ أو لم يَعْلَمْ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَيَتَخَرَّجُ أَنْ لَا ضَمَانَ عليه إذَا لم يَعْلَمْ بِنَاءً على عَدَمِ انْعِزَالِ الْوَكِيلِ قبل عِلْمِهِ كما تَقَدَّمَ وَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ في الْوَكَالَةِ. وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ قُلْنَا يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ قبل عِلْمِهِ كما تَقَدَّمَ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَهُمَا الْقَوْلَانِ اللَّذَانِ قبل ذلك.
فَوَائِدُ: الْأُولَى لو أَذِنَ غَيْرُ الشُّرَكَاءِ كُلُّ وَاحِدٍ لِلْآخَرِ في إخْرَاجِ زَكَاتِهِ. فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ التي قَبْلَهَا لَكِنْ هل يَبْدَأُ بِزَكَاتِهِ وُجُوبًا فيه رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ. إحْدَاهُمَا لَا يَجِبُ إخْرَاجُ زَكَاتِهِ أَوَّلًا بَلْ يُسْتَحَبُّ وهو الصَّحِيحُ وَقَطَعَ بِهِ الْقَاضِي وَفَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْحَجِّ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَجِبُ إخْرَاجُ زَكَاتِهِ قبل زَكَاةِ الْآذِنِ قال في الْفُرُوعِ وقد دَلَّتْ هذه الْمَسْأَلَةُ على أَنَّ نَفَلَ الصَّدَقَةِ قبل أَدَاءِ الزَّكَاةِ في جَوَازِهِ وَصِحَّتِهِ ما في نَفْلِ بَقِيَّةِ الْعِبَادَاتِ قبل أَدَائِهَا. الثَّانِيَةُ لو لَزِمَتْهُ زَكَاةٌ وَنَذْرٌ قَدَّمَ الزَّكَاةَ فَإِنْ قَدَّمَ النَّذْرَ لم يَصِرْ زَكَاةً على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ يَبْدَأُ بِمَا شَاءَ. وَيَأْتِي نَظِيرُهُ في قَضَاءِ رَمَضَانَ قبل صَوْمِ النَّذْرِ. الثَّالِثَةُ لو وَكَّلَ في إخْرَاجِ زَكَاتِهِ ثُمَّ أَخْرَجَهَا هو ثُمَّ أَخْرَجَ الْوَكِيلُ قبل عِلْمِهِ قال في الْفُرُوعِ فَيَتَوَجَّهُ أَنَّ في ضَمَانِهِ الْخِلَافَ السَّابِقَ وَلِهَذَا لم يَذْكُرْهَا الْأَكْثَرُ اكْتِفَاءً بِمَا سَبَقَ وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ. ثَالِثُهَا لَا يَضْمَنُ إنْ قُلْنَا لَا يَنْعَزِلُ وَإِلَّا ضَمِنَ وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ. الرَّابِعَةُ يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ أَخْرَجَ قبل دَفْعِ وَكِيلِهِ إلَى السَّاعِي وَقَوْلُ من دَفَعَ زَكَاةَ مَالِهِ إلَيْهِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كان أَخْرَجَهَا. الْخَامِسَةُ حَيْثُ قُلْنَا لَا يَصِحُّ الْإِخْرَاجُ فَإِنْ وُجِدَ مع السَّاعِي أُخِذَ منه وَإِنْ تَلِفَ أو كان دَفَعَهُ إلَى الْفُقَرَاءِ أو كَانَا دَفَعَا إلَيْهِ فَلَا.
تَنْبِيهٌ: سَبَقَ حُكْمُ الْمُضَارِبِ وَرَبِّ الْمَالِ في كِتَابِ الزَّكَاةِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا زَكَاةَ في حِصَّةِ الْمُضَارِبِ من الرِّبْحِ قبل الْقِسْمَةِ.
قَوْلُهُ وَهِيَ وَاجِبَةٌ على كل مُسْلِمٍ. هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم. وَقِيلَ يَخْتَصُّ وُجُوبُ الْفِطْرَةِ بِالْمُكَلَّفِ بِالصَّوْمِ وحكى وَجْهٌ لَا تَجِبُ في مَالِ صَغِيرٍ وَالْمَنْصُوصُ خِلَافُهُ.
تَنْبِيهٌ: مَفْهُومُ قَوْلِهِ على كل مُسْلِمٍ أنها لَا تَجِبُ على غَيْرِهِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَعَنْهُ رِوَايَةٌ مُخَرَّجَةٌ تَجِبُ على الْمُرْتَدِّ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أنها لَا تَجِبُ على كَافِرٍ لِعَبْدِهِ الْمُسْلِمِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي قال في الْحَاوِي الْكَبِيرِ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ تَلْزَمُهُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَصَحَّحَه ابن تَمِيمٍ وَحَكَاه ابن الْمُنْذِرِ إجْمَاعًا وَكَذَا حُكْمُ كل كَافِرٍ لَزِمَتْهُ نَفَقَةُ مُسْلِمٍ في فِطْرَتِهِ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ. قال الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَنِي الْخِلَافُ على أَنَّ السَّيِّدَ هل هو مُتَحَمِّلٌ أو أَصِيلٌ فيه قَوْلَانِ إنْ قُلْنَا مُتَحَمِّلٌ وَجَبَتْ عليه وَإِنْ قُلْنَا أَصِيلٌ لم تَجِبْ.
فائدة: قَوْلُهُ وَهِيَ وَاجِبَةٌ هل تُسَمَّى فَرْضًا فيه الرِّوَايَتَانِ اللَّتَانِ في الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ وقد تَقَدَّمَتَا في بَابِ الْوُضُوءِ وَتَقَدَّمَتْ فَائِدَةُ الْخِلَافِ هُنَاكَ. قَوْلُهُ إذَا فَضَلَ عِنْدَهُ عن قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ يوم الْعِيدِ وَلَيْلَتَهُ. وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ يُعْتَبَرُ كَوْنُ ذلك فَاضِلًا عَمَّا يَحْتَاجُهُ لِنَفْسِهِ أو لِمَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ من مَسْكَنٍ وَخَادِمٍ وَدَابَّةٍ وَثِيَابٍ بذله وَنَحْوِ ذلك على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْحَاوِيَيْنِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ هذا قَوْلًا كَذَا قال انْتَهَى. قُلْت قَدَّمَ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ وُجُوبَ الْإِخْرَاجِ مُطْلَقًا وَذَكَرَ الْأَوَّلَ قَوْلًا مُوجَزًا.
تَنْبِيهٌ: أَلْحَقَ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ بِمَا يَحْتَاجُهُ لِنَفْسِهِ الْكُتُبَ التي يَحْتَاجُهَا لِلنَّظَرِ وَالْحِفْظِ والحلى لِلْمَرْأَةِ لِلُبْسِهَا أو لِكِرَاءٍ تَحْتَاجُ إلَيْهِ قال في الْفُرُوعِ ولم أَجِدْ هذا في كَلَامِ أَحَدٍ قَبْلَهُ ولم يَسْتَدِلَّ عليه قال وَظَاهِرُ ما ذَكَرَهُ الْأَكْثَرُ من الْوُجُوبِ وَاقْتِصَارِهِمْ على ما سَبَقَ من الْمَانِعِ أَنَّ هذا لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ زَكَاةِ الْفِطْرِ وَوَجَّهَ احْتِمَالًا أَنَّ الْكُتُبَ تَمْنَعُ بِخِلَافِ الحلى لِلُبْسٍ لِلْحَاجَةِ إلَى الْعِلْمِ وَتَحْصِيلِهِ قال وَلِهَذَا ذَكَرَ الشَّيْخُ يَعْنِي بِهِ الْمُصَنِّفَ أَنَّ الْكُتُبَ تَمْنَعُ في الْحَجِّ وَالْكَفَّارَةِ ولم يذكر الحلى. فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْمَنْعُ وَعَدَمُهُ وَالْمَنْعُ في الْكُتُبِ دُونَ الحلى. فَعَلَى ما قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هل يَمْنَعُ ذلك من أَخْذِ الزَّكَاةِ قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالَانِ الْمَنْعُ وَعَدَمُهُ. قُلْت وهو الصَّوَابُ. قال [وقالا] الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ يَجُوزُ لِلْفَقِيرِ الْأَخْذُ من الزَّكَاةِ لِشِرَاءِ كُتُبٍ يَحْتَاجُهَا. وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي الذي هو ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ يَمْنَعُ ذلك أَخْذَ الزَّكَاةِ. وَعَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ وهو الْمَنْعُ من أَخْذِ الزَّكَاةِ هل يَلْزَمُ من كَوْنِ ذلك مَانِعًا من أَخْذِ الزَّكَاةِ أَنْ يَكُونَ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ في بَقِيَّةِ الْأَبْوَابِ لِتَسْوِيَةٍ بَيْنَهُمَا أَمْ لَا لِأَنَّ الزَّكَاةَ أَضْيَقُ قال في الْفُرُوعِ يَتَوَجَّهُ الْخِلَافُ. وَعَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي الذي هو الصَّوَابُ هو كَسَائِرِ ما لَا بُدَّ منه ذَكَرَ ذلك في الْفُرُوعِ.
فائدة: قَوْلُهُ وَإِنْ كان مُكَاتَبًا. يَعْنِي أنها تَجِبُ على الْمُكَاتَبِ وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ وهو من الْمُفْرَدَاتِ. وَيَلْزَمُهُ أَيْضًا فِطْرَةُ قريبة مِمَّنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ وهو من الْمُفْرَدَاتِ أَيْضًا. وَتَجِبُ فِطْرَةُ زَوْجَتِهِ عليه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَقِيلَ لَا تَجِبُ عليه. قَوْلُهُ وَإِنْ فَضَلَ بَعْضُ صَاعٍ فَهَلْ يَلْزَمُهُ إخْرَاجُهُ على رِوَايَتَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالْمُغْنِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجا وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَالْفُرُوعِ وقال التَّرْجِيحُ مُخْتَلِفٌ. إحْدَاهُمَا يَلْزَمُهُ إخْرَاجُهُ كَبَعْضِ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وابن رَجَبٍ في قَوَاعِدِهِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَفَّارَةِ. قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ أَخْرَجَهُ على أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَاخْتَارَه ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَلْزَمُهُ إخْرَاجُهُ كَالْكَفَّارَةِ جَزَمَ بِهِ في الْإِرْشَادِ وابن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ وقال في الْفُصُولِ هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وهو ظَاهِرُ الْوَجِيزِ وَالْمُبْهِجِ وَالْعُمْدَةِ وَقَدَّمَه ابن تَمِيمٍ وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَخْرُجُ ذلك الْبَعْضُ وَيَجِبُ الْإِتْمَامُ على من تَلْزَمُهُ فِطْرَتُهُ. وَعَلَى الثَّانِيَةِ يَصِيرُ الْبَعْضُ كَالْمَعْدُومِ وَيَتَحَمَّلُ ذلك الْغَيْرُ جَمِيعَهَا.
تَنْبِيهٌ: شَمِلَ قَوْلُهُ وَيَلْزَمُهُ فِطْرَةُ من يَمُونُهُ من الْمُسْلِمِينَ الزَّوْجَةَ وَلَوْ كانت أَمَةً وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ فِطْرَةُ زَوْجَتِهِ الْأَمَةِ. وَتَقَدَّمَ إذَا كان لِلْكَافِرِ عَبْدٌ مُسْلِمٌ أو أَقَارِبُ مُسْلِمُونَ وَأَوْجَبْنَا عليه النَّفَقَةَ. هل تَجِبُ عليه الْفِطْرَةُ لهم أَمْ لَا في أَوَّلِ الْبَابِ وَتَقَدَّمَ إذَا مَلَكَ الْعَبْدُ عَبْدًا هل تَجِبُ عليه فِطْرَتُهُ في أَوَّلِ كِتَابِ الزَّكَاةِ. قَوْلُهُ فَإِنْ لم يَجِدْ ما يؤدى عن جميعهم [جميعه] بَدَأَ بِنَفْسِهِ. بِلَا نِزَاعٍ ثُمَّ بِامْرَأَتِهِ ثُمَّ بِرَقِيقِهِ ثُمَّ بِوَلَدِهِ هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَقِيلَ يُقَدِّمُ الرَّقِيقَ على امْرَأَتِهِ لِئَلَّا تَسْقُطَ بِالْكُلِّيَّةِ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ تُخْرِجُ مع الْقُدْرَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُصُولِ. وَقِيلَ يُقَدِّمُ الْوَلَدَ على الزَّوْجَةِ وَقِيلَ يُقَدِّمُ الْوَلَدَ الصَّغِيرَ على الزَّوْجَةِ وَالْعَبْدِ. قَوْلُهُ ثُمَّ بِوَلَدِهِ ثُمَّ بِأُمِّهِ ثُمَّ بِأَبِيهِ. تَقْدِيمُ الْوَلَدِ على الْأَبَوَيْنِ أَحَدُ الْوُجُوهِ قال في الْفُرُوعِ جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ وَقَدَّمَهُ آخَرُونَ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهَادِي وَالْوَجِيزِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وابن تَمِيمٍ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُقَدَّمُ الْوَلَدُ مع صِغَرِهِ على الْأَبَوَيْنِ جَزَمَ بِه ابن شِهَابٍ. وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ يُقَدَّمُ الْأَبَوَانِ على الْوَلَدِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ في تَقْدِيمِ الْأُمِّ على الْأَبِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْهَادِي وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ. وَقِيلَ يُقَدَّمُ الْأَبُ على الْأُمِّ وَحَكَاه ابن أبي مُوسَى رِوَايَةً وَقِيلَ بِتَسَاوِيهِمَا.
فائدة: لو اشْتَرَى اثْنَانِ فَأَكْثَرُ من الْقَرَابَةِ ولم يَفْضُلْ سِوَى صَاعٍ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُقْرِعُ بَيْنَهُمْ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَقِيلَ يُوَزِّعُ بَيْنَهُمْ وَقِيلَ يُخَيَّرُ في الْإِخْرَاجِ عن أَيِّهِمْ شَاءَ. قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُخْرِجَ عن الْجَنِينِ وَلَا تَجِبُ. هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم. وَعَنْهُ تَجِبُ نَقَلَهَا يَعْقُوبُ بن بُخْتَانَ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ. وقال ابن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِي الْفُرُوعِ وَيُحْتَمَلُ وُجُوبُهَا إذَا مَضَتْ له أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَيُسْتَحَبُّ قبل ذلك.
فائدة: يَلْزَمُهُ فِطْرَةُ الْبَائِنِ الْحَامِلِ إنْ قُلْنَا النَّفَقَةُ لها وَإِنْ قُلْنَا لِلْحَمْلِ لم تَجِبْ على أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ بِنَاءً على وُجُوبِهَا على الْجَنِينِ. وقال في الرِّعَايَةِ وَيُسْتَحَبُّ فِطْرَةُ الْجَنِينِ إنْ قُلْنَا النَّفَقَةُ له وَعَنْهُ تَجِبُ فَلَوْ أَبَانَ حَامِلًا لَزِمَتْهُ فِطْرَتُهَا إنْ وَجَبَتْ النَّفَقَةُ لها وفي فِطْرَةِ حَمْلِهَا إذْن وَجْهَانِ. وَإِنْ وَجَبَتْ النَّفَقَةُ لِلْحَمْلِ وَجَبَتْ فِطْرَتُهُ وفي أُمِّهِ إذَنْ وَجْهَانِ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال. وَقِيلَ تُسَنُّ فِطْرَتُهُ وَإِنْ وَجَبَتْ النَّفَقَةُ له وَتَجِبُ فِطْرَتُهُ وَإِنْ وَجَبَتْ النَّفَقَةُ لِأُمِّهِ. قَوْلُهُ وَمَنْ تَكَفَّلَ بِمُؤْنَةِ شَخْصٍ في شَهْرِ رَمَضَانَ لم تَلْزَمْهُ فِطْرَتُهُ عِنْدَ أبي الْخَطَّابِ. وهو رِوَايَةٌ عن أَحْمَدَ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَحُمِلَ كَلَامُ أَحْمَدَ على الِاسْتِحْبَابِ لِعَدَمِ الدَّلِيلِ وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْفَائِقِ أَيْضًا قال في التَّلْخِيصِ وَالْأَقْيَسُ أَنْ لَا تَلْزَمَهُ انْتَهَى. وَالْمَنْصُوصُ أنها تَلْزَمُهُ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ قال في الْهِدَايَةِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفَائِقِ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ في شَهْرِ رَمَضَانَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَمُونَهُ كُلَّ الشَّهْرِ وهو. صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وقال ابن عَقِيلٍ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ يَلْزَمُهُ إذَا مَانَهُ آخِرَ لَيْلَةٍ من الشَّهْرِ كَمَنْ مَلَكَ عَبْدًا وَزَوْجَةً قبل الْغُرُوبِ وَمَعْنَاهُ في الِانْتِصَارِ وَالرَّوْضَةِ وَأَطْلَقَ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُمْ وَجْهَيْنِ فِيمَنْ نَزَلَ بِهِ ضَيْفٌ قبل الْغُرُوبِ لَيْلَةَ الْعِيدِ زَادَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْت أو نَزَلَ بِهِ قبل فَجْرِهَا إنْ عَلَّقْنَا الْوُجُوبَ بِهِ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَيْضًا على الْمَنْصُوصِ أَنَّهُ لو مَانَهُ جَمَاعَةٌ في شَهْرِ رَمَضَانَ أنها لَا تَجِبُ عليهم وهو أَحَدُ الِاحْتِمَالَيْنِ. قُلْت وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْفَائِقِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي تَجِبُ عليهم بِالْحِصَصِ كَعَبْدٍ مُشْتَرَكٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيُّ وابن تَمِيمٍ وَحَكَاهُمَا وَجْهَيْنِ، وَعَلَى قَوْل بن عَقِيلٍ تَجِبُ فِطْرَتُهُ على من مَانَهُ آخِرَ لَيْلَةٍ.
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا لو اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا أو ظِئْرًا بِطَعَامِهِمَا لم تَلْزَمْهُ فِطْرَتُهُمَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَقِيلَ بَلَى قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وهو أَقْيَسُ. الثَّانِيَةُ لو وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ في بَيْتِ الْمَالِ فَلَا فِطْرَةَ له قَالَهُ الْقَاضِي وَمَنْ بَعْدَهُ وَجَزَمَ بِه ابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ لِأَنَّ ذلك ليس بِإِنْفَاقٍ إنَّمَا هو إيصَالُ الْمَالِ في حَقِّهِ أو أَنَّ الْمَالَ لَا مَالِكَ له قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُرَادُ مُعَيَّنٌ كَعَبِيدِ الْغَنِيمَةِ قبل الْقِسْمَةِ وَالْفَيْءِ وَنَحْوِ ذلك. قَوْلُهُ وإذا كان الْعَبْدُ بين شُرَكَاءَ فَعَلَيْهِمْ صَاعٌ وَاحِدٌ. قال الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ هذا الظَّاهِرُ عنه قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وقد نُقِلَ عن أَحْمَدَ ما يَدُلُّ على أَنَّهُ رَجَعَ عن رِوَايَةِ وُجُوبِ صَاعٍ على كل وَاحِدٍ. قال الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ قال فَوْزَانِ رَجَعَ أَحْمَدُ عن هذه الْمَسْأَلَةِ يَعْنِي عن إيجَابِ صَاعٍ كَامِلٍ على كل وَاحِدٍ وَصَحَّحَه ابن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ وابن منجا في شَرْحِهِ وقال هو الْمَذْهَبُ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وَالشَّارِحُ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَالْهِدَايَةِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْمُنْتَخَبِ. وَعَنْهُ على كل وَاحِدٍ صَاعٌ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ قَالَهُ الْمَجْدُ قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَه ابن الْبَنَّا في عُقُودِهِ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ في الْمُبْهِجِ وَغَيْرِهِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُذْهَبِ وَالْحَاوِيَيْنِ. قَوْلُهُ وكذلك الْحُكْمُ فِيمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ. وَكَذَا الْحُكْمُ أَيْضًا لو كان عَبْدَانِ فَأَكْثَرُ بين شُرَكَاءَ منهم أو من وَرَثَةٍ اثْنَانِ فَأَكْثَرُ أو من أَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ بِاثْنَيْنِ أو بِأَكْثَرَ وَنَحْوِهِمْ حُكْمُهُمْ كَحُكْمِ الْعَبِيدِ بين الشُّرَكَاءِ على ما تَقَدَّمَ نَقْلًا وَمَذْهَبًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ. قال في الْفُرُوعِ لو أَلْحَقَتْ الْقَافَةُ وَلَدًا بِاثْنَيْنِ فَكَالْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ جَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ منهم صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ قال وَتَبِعَ بن تَمِيمٍ قَوْلَ بَعْضِهِمْ يَلْزَمُ كُلَّ وَاحِدٍ صَاعٌ وَجْهًا وَاحِدًا وَتَبِعَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجَ خِلَافُهُ من عِنْدِهِ وَجَزَمَ بِمَا جَزَمَ بِه ابن تَمِيمٍ في الْحَاوِيَيْنِ وُجُوبُ الصَّاعِ على كل وَاحِدٍ في هذه الْمَسَائِلِ من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَاخْتَارَ أبو بَكْرٍ فِيمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ لُزُومَ السَّيِّدِ بِقَدْرِ مِلْكِهِ وَلَا شَيْءَ على الْعَبْدِ في الْبَاقِي وَيَأْتِي لو كان نَفْعُ الرَّقِيقِ لِوَاحِدٍ وَرَقَبَتُهُ لِآخَرَ على من تَجِبُ فِطْرَتُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ وَتَجِبُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ.
فائدة: لو هَايَأَ من بَعْضُهُ حُرٌّ سيد [سيده] بَاقِيَهُ لم تَدْخُلْ الْفِطْرَةُ في الْمُهَايَأَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ كَالصَّلَاةِ قال ابن تَمِيمٍ. وبن حَمْدَانَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى لم تَدْخُلْ الْفِطْرَةُ فيها على الْأَصَحِّ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ. فَعَلَى هذا أَيُّهُمَا عَجَزَ عَمَّا عليه لم يَلْزَمْ الْآخَرَ قِسْطُهُ كَشَرِيكٍ ذِمِّيٍّ لَا يَلْزَمُ الْمُسْلِمَ قِسْطُهُ فَإِنْ كان يَوْمُ الْعِيدِ نَوْبَةَ الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ نِصْفُهُ مَثَلًا اُعْتُبِرَ أَنْ يَفْضُلَ عن قُوتِهِ نِصْفُ صَاعٍ وَإِنْ كان نَوْبَةَ سَيِّدِهِ لَزِمَ الْعَبْدَ نِصْفُ صَاعٍ وَلَوْ لم يَمْلِكْ غَيْرَهُ لِأَنَّ مُؤْنَتَهُ على غَيْرِهِ. قُلْت فَيُعَايَى بها. وَقِيلَ تَدْخُلُ الْفِطْرَةُ في الْمُهَايَأَةِ بِنَاءً على دُخُولِ كَسْبٍ نَادِرٍ فيها كَالنَّفَقَةِ فَلَوْ كان يَوْمُ الْعِيدِ نَوْبَةَ الْعَبْدِ وَعَجَزَ عنها لم يَلْزَمْ السَّيِّدَ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ كَمُكَاتَبٍ عَجَزَ عن الْفِطْرَةِ. وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقُلْت تَلْزَمُهُ إنْ وَجَبَتْ بِالْغُرُوبِ في نَوْبَتِهِ قال في الْفُرُوعِ وهو مُتَوَجَّهٌ وَإِنْ كانت نَوْبَةُ السَّيِّدِ وَعَجَزَ عنها أَدَّى الْعَبْدُ قِسْطَ حُرِّيَّتِهِ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ بِنَاءً على أنها عليه بِطَرِيقِ التَّحَمُّلِ كَمُوسِرَةٍ تَحْتَ مُعْسِرٍ وَقِيلَ لَا تَلْزَمُهُ. قَوْلُهُ وَإِنْ عَجَزَ زَوْجُ الْمَرْأَةِ عن فِطْرَتِهَا فَعَلَيْهَا أو على سَيِّدِهَا إنْ كانت أَمَةً لِأَنَّهُ كَالْمَعْدُومِ. وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا تَجِبَ وَاخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ كَالنَّفَقَةِ قال ابن تَمِيمٍ وَإِنْ أَعْسَرَ زَوْجُ الْأَمَةِ فَهَلْ تَجِبُ على سَيِّدِهَا على وَجْهَيْنِ. فَعَلَى هذا الْوَجْهِ الثَّانِي هل تَبْقَى في ذِمَّتِهِ كَالنَّفَقَةِ أَمْ لَا كَفِطْرَةِ نَفْسِهِ يَتَوَجَّهُ احْتِمَالَيْنِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ. قُلْت الْأَوْلَى السُّقُوطُ وهو كَالصَّرِيحِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ. وَعَلَى الْمَذْهَبِ هل تَرْجِعُ الْحُرَّةُ وَالسَّيِّدُ إذَا أَخْرَجَا على الزَّوْجِ إذَا أَيْسَرَ كَالنَّفَقَةِ أَمْ لَا كَفِطْرَةِ الْقَرِيبِ فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَمُخْتَصَرِ بن تَمِيمٍ وَالْحَاوِيَيْنِ. إحْدَاهُمَا يَرْجِعَانِ عليه قال في الرِّعَايَتَيْنِ في الْحُرَّةِ تَرْجِعُ عليه في الْأَقْيَسِ إذَا أَيْسَرَ بِالنَّفَقَةِ وقال في مَسْأَلَةِ السَّيِّدِ يَرْجِعُ على الزَّوْجِ الْحُرِّ في وَجْهٍ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَرْجِعَانِ عليه إذَا أَيْسَرَ وهو ظَاهِرٌ بَحَثَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ. وَمَأْخَذُ الْوَجْهَيْنِ أَنَّ من وَجَبَتْ عليه فِطْرَةُ غَيْرِهِ هل تَجِبُ عليه بِطَرِيقِ التَّحَمُّلِ عن ذلك الْغَيْرِ أو بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ فيه وَجْهَانِ لِلْأَصْحَابِ قال في الْفَائِقِ وَمَنْ كانت نَفَقَتُهُ على غَيْرِهِ فَفِطْرَتُهُ عليه وَهَلْ يَكُونُ مُتَحَمِّلًا أو أَصِيلًا على وَجْهَيْنِ وَكَذَا قال ابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ وقال وَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ مُتَحَمِّلٌ غَيْرُ أَصِيلٍ قال في التَّلْخِيصِ ظَاهِرُ كَلَامِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يَكُونُ مُتَحَمِّلًا وَالْمُخْرَجُ عنه أَصِيلٌ بَلْ هو أَصِيلٌ.
فَوَائِدُ: الْأُولَى الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وُجُوبُ فِطْرَةِ زَوْجَةِ الْعَبْدِ على سَيِّدِهِ قال الْمُصَنِّفُ هذا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ كَالنَّفَقَةِ وَكَمَنْ زَوَّجَ عَبْدَهُ بِأَمَتِهِ قال ابن تَمِيمٍ هذا أَصَحُّ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ. وَقِيلَ تَجِبُ عليها إنْ كانت حُرَّةً وَعَلَى سَيِّدِهَا إنْ كانت أَمَةً قَدَّمَه ابن تَمِيمٍ قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ قَالَهُ أَصْحَابُنَا الْمُتَأَخِّرُونَ وَقَدَّمَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ قال في الْحَاوِيَيْنِ هذا أَصَحّ الْوَجْهَيْنِ قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى هذا أَشْهَرُ الْوَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ قال الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ الْقَوْلُ بِالْوُجُوبِ مَبْنِيٌّ على تَعَلُّقِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ أو أَنَّ السَّيِّدَ مُعْسِرٌ فَإِنْ كان مُوسِرًا وَقُلْنَا نَفَقَةُ زَوْجَةِ عَبْدِهِ عليه فَفِطْرَتُهُ عليه وَتَبِعَه ابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ. الثَّانِيَةُ لو كانت زَوْجَتُهُ الْأَمَةُ عِنْدَهُ لَيْلًا وَعِنْدَ سَيِّدِهَا نَهَارًا فَفِطْرَتُهَا على سَيِّدِهَا لِقُوَّةِ مِلْكِ الْيَمِينِ في تَحَمُّلِ الْفِطْرَةِ على الصَّحِيحِ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمَجْدِ في شَرْحِهِ وَجَزَمَ به في الْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ. وَقِيلَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ كَالنَّفَقَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ. وَتَقَدَّمَ وُجُوبُ فِطْرَةِ قَرِيبِ الْمَكَاتِبِ وَزَوْجَتِهِ. الثَّالِثَةُ لو زَوَّجَ قَرِيبَهُ وَلَزِمَتْهُ نَفَقَةُ امْرَأَتِهِ فَعَلَيْهِ فِطْرَتُهَا. قَوْلُهُ وَمَنْ له غَائِبٌ أو آبِقٌ فَعَلَيْهِ فِطْرَتُهُ. وَكَذَا الْمَغْصُوبُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقِيلَ لَا تَجِبُ على الْغَائِبِ فِطْرَةُ زَوْجَتِهِ وَرَقِيقِهِ وَحَكَاه ابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ رِوَايَةً وَاحِدَةً قال في الْفُرُوعِ وَعَنْهُ رِوَايَةٌ محرجة [مخرجة] من زَكَاةِ الْمَالِ لَا تَجِبُ قال ابن عَقِيلٍ يَحْتَمِل أَنْ لَا يَلْزَمَهُ إخْرَاجُ زَكَاتِهِ حتى يَرْجِعُ كَزَكَاةِ الدَّيْنِ وَالْمَغْصُوبِ.
فائدة: يُخْرِجُ الْفِطْرَةَ عن الْعَبْدِ وَالْحُرِّ مَكَانَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال في الْفُرُوعِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ قال الْمَجْدُ نَصَّ عليه وَقِيلَ مَكَانَهُمَا قال في الْفُرُوعِ قَدَّمَهُ بَعْضُهُمْ وَأَطْلَقَهُمَا. قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَشُكَّ في حَيَاتِهِ فَتَسْقُطُ. هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ صَالِحٍ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَالظَّاهِرُ مَوْتُهُ كَالنَّفَقَةِ وَذَكَرَ بن شِهَابٍ أنها لَا تَسْقُطُ فَتَلْزَمُهُ لِئَلَّا تَسْقُطَ بِالشَّكِّ. قُلْت وهو قوي [أقوى] في النَّظَرِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ مَوْتِهِ. قال ابن رَجَبٍ في قَوَاعِدِهِ وَيَتَخَرَّجُ لنا وَجْهٌ بِوُجُوبِ الْفِطْرَةِ لِلْعَبْدِ الْآبِقِ الْمُنْقَطِعِ خَبَرُهُ بِنَاءً على جَوَازِ عِتْقِهِ. قَوْلُهُ وَإِنْ عَلِمَ حَيَاتَهُ بَعْدَ ذلك أَخْرَجَ لِمَا مَضَى. هذا مَبْنِيٌّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ في التي قَبْلَهَا وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قال ابن تَمِيمٍ الْمَنْصُوصُ عن أَحْمَدَ لُزُومُهُ وَقِيلَ لَا يُخْرِجُ وَلَوْ عَلِمَ حَيَاتَهُ. وَقِيلَ لَا يُخْرِجُ عن الْقَرِيبِ فَقَطْ كَالنَّفَقَةِ وَرُدَّ ذلك بِوُجُوبِهَا وَإِنَّمَا تَعَذَّرَ أَيْضًا لها كَتَعَذُّرِهِ بِحَبْسٍ وَمَرَضٍ وَنَحْوِهِمَا. قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ فِطْرَةُ النَّاشِزِ. هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قال أبو الْخَطَّابِ تَلْزَمُهُ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ.
فائدة: وَكَذَا الْحُكْمُ في كل من لَا تَلْزَمُ الزَّوْجَ نَفَقَتُهَا كَالصَّغِيرَةِ وَغَيْرِهَا قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ وَمَنْ لَزِمَ غَيْرَهُ فِطْرَتُهُ فَأَخْرَجَ عن نَفْسِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَهَلْ تُجْزِئُهُ على وَجْهَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُنْتَهَى وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وابن تَمِيمٍ وَالْفُرُوعِ وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ. أَحَدُهُمَا تُجْزِئُهُ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ أَجْزَأَهُ على الْأَظْهَرِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَاخْتَارَه ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ قال ابن منجا في شَرْحِهِ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا تُجْزِئُهُ قَدَّمَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وقال في الِانْتِصَارِ فَإِنْ أَخْرَجَ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَنِيَّتِهِ فَوَجْهَانِ.
تَنْبِيهٌ: مَأْخَذُ الْخِلَافِ هُنَا مَبْنِيٌّ على أَنَّ من لَزِمَتْهُ فِطْرَةُ غَيْرِهِ هل يَكُونُ مُتَحَمِّلًا عنه أو أَصِيلًا فيه وَجْهَانِ تَقَدَّمَا ذَكَرَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ وَذَكَرَ في الرِّعَايَةِ الْمَسْأَلَةَ وقال إنْ أَخْرَجَ عن نَفْسِهِ جَازَ وَقِيلَ لَا وَقِيلَ إنْ قُلْنَا الزَّوْجُ وَالْقَرِيبُ مُتَحَمِّلَانِ جَازَ وَإِنْ قُلْنَا هُمَا أَصِيلَانِ فَلَا فَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُقَدَّمَ عِنْدَهُ عَدَمُ الْبِنَاءِ.
فَوَائِدُ: إحْدَاهَا لو لم يُخْرِجْ من لَزِمَتْهُ فِطْرَةُ غَيْرِهِ عن ذلك الْغَيْرِ لم يَلْزَمْ الْغَيْرَ شَيْءٌ وَلِلْغَيْرِ مُطَالَبَتُهُ بِالْإِخْرَاجِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قال في الْفُرُوعِ جَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ منهم أبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ كَنَفَقَتِهِ وقال أبو الْمَعَالِي ليس له مُطَالَبَتُهُ بها وَلَا افْتِرَاضُهَا عليه قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال. فَعَلَى الْمَذْهَبِ هل تُعْتَبَرُ نِيَّتُهُ فيه على وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ وابن تَمِيمٍ. قُلْت الصَّوَابُ لَا اكْتِفَاءً بِنِيَّةِ الْمُخْرِجِ. الثَّانِيَةُ لو أَخْرَجَ عَمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ فِطْرَتُهُ بِإِذْنِهِ أَجْزَأَ وَإِلَّا فَلَا قال أبو بَكْرٍ الْآجُرِّيُّ هذا قَوْلُ فُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ. الثَّالِثَةُ لو أَخْرَجَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ لم تُجْزِهِ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَلَعَلَّهُ خَارِجٌ عن الْخِلَافِ الذي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ. وَقِيلَ إنْ مَلَّكَهُ السَّيِّدُ مَالًا وَقُلْنَا يَمْلِكُهُ فَفِطْرَتُهُ عليه مِمَّا في يَدِهِ فَيُخْرِجُ الْعَبْدُ عن عَبْدِهِ مِمَّا في يَدِهِ. وَقِيلَ بَلْ تَسْقُطُ لِتَزَلْزُلِ مِلْكِهِ وَنَقْصِهِ قال في الرِّعَايَةِ وَعَلَى الْوُجُوبِ إنْ أَخْرَجَهَا بِلَا إذْنِ سَيِّدِهِ أَجْزَأَتْ. قُلْت لَا تُجْزِئُهُ. وَقِيلَ فِطْرَتُهُ عليه مِمَّا في يَدِهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ كَسْبُهُ فَعَلَى سَيِّدِهِ انْتَهَى. قَوْلُهُ وَلَا يَمْنَعُ الدَّيْنُ وُجُوبَ الْفِطْرَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُطَالَبًا بِهِ. هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمَا هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ الْمَجْزُومُ بِهِ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَالْمُصَنِّفِ في الْمُغْنِي وَصَاحِبُ الشَّرْحِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْمُنْتَخَبِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرُهُمْ. وَعَنْهُ يَمْنَعُ سَوَاءٌ كان مُطَالَبًا بِهِ أو لَا وَقَالَهُ أبو الْخَطَّابِ. وَعَنْهُ لَا يَمْنَعُ مُطْلَقًا اخْتَارَه ابن عَقِيلٍ وَجَزَمَ بِه ابن الْبَنَّا في الْعُقُودِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ وَجَعَلَ الْأَوَّلَ اخْتِيَارَ الْمُصَنِّفِ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْحَاوِيَيْنِ. قَوْلُهُ وَتَجِبُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ من لَيْلَةِ الْفِطْرِ. هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَعَنْهُ يَمْتَدُّ وَقْتُ الْوُجُوبِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي من يَوْمِ الْفِطْرِ وَاخْتَارَ مَعْنَاهُ الْآجُرِّيُّ. وَعَنْهُ تَجِبُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ من يَوْمِ الْفِطْرِ قال في الْإِرْشَادِ وَيَجِبُ إخْرَاجُ زَكَاةِ الْفِطْرِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي من يَوْمِ الْفِطْرِ قبل صَلَاةِ الْعِيدِ. وَعَنْهُ يَمْتَدُّ الْوُجُوبُ إلَى أَنْ يصلي الْعِيدُ ذَكَرَهَا الْمَجْدُ في شَرْحِهِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو أَسْلَمَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ أو مَلَكَ عَبْدًا أو زَوْجَةً أو وُلِدَ له وَلَدٌ لم تَلْزَمْهُ فِطْرَتُهُ وَإِنْ وَجَدَ ذلك قبل الْغُرُوبِ وَجَبَتْ وَإِنْ مَاتَ قبل الْغُرُوبِ وَنَحْوِهِ لم تَجِبْ وَلَا تَسْقُطُ بَعْدُ.
فَوَائِدُ: الْأُولَى لَا يَسْقُطُ وُجُوبُ الْفِطْرَةِ بَعْدَ وُجُوبِهَا بِمَوْتٍ وَلَا غَيْرِهِ بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ وَلَوْ كان مُعْسِرًا وَقْتَ الْوُجُوبِ ثُمَّ أَيْسَرَ لم تَجِبْ الْفِطْرَةُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَعَنْهُ يُخْرِجُ مَتَى قَدَرَ فَتَبْقَى في ذِمَّتِهِ وَعَنْهُ يُخْرِجُ إنْ أَيْسَرَ أَيَّامَ الْعِيدِ وَإِلَّا فَلَا قال الزَّرْكَشِيُّ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ أَيَّامَ النَّحْرِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ السِّتَّةَ من شَوَّالٍ لِأَنَّهُ قد نَصَّ في رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّهُ إذَا قَدَرَ بَعْدَ خَمْسَةِ أَيَّامٍ أَنَّهُ يُخْرِجُ وَعَنْهُ تَجِبُ إنْ أَيْسَرَ يوم الْعِيدِ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. الثَّانِيَةُ تَجِبُ الْفِطْرَةُ في الْعَبْدِ الْمَرْهُونِ وَالْمُوصَى بِهِ على مَالِكِهِ وَقْتَ الْوُجُوبِ وَكَذَا الْمَبِيعُ في مُدَّةِ الْخِيَارِ وَلَوْ زَالَ مِلْكُهُ كَمَقْبُوضٍ بَعْدَ الْوُجُوبِ ولم يُفْسَخْ فيه الْعَقْدُ وَكَمَا لو رَدَّهُ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ بَعْدَ قَبْضِهِ. الثَّالِثَةُ لو مَلَكَ عَبْدًا دُونَ نَفْعِهِ فَهَلْ فِطْرَتُهُ عليه أو على مَالِكِ نَفْعِهِ أو في كَسْبِهِ فيه الْأَوْجُهُ الثَّلَاثَةُ التي في نَفَقَتِهِ التي ذَكَرَهُنَّ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ في بَابِ الْمُوصَى بِهِ له فَالصَّحِيحُ هُنَاكَ هو الصَّحِيحُ هُنَا هذا أَصَحُّ الطَّرِيقِينَ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقَدَّمَ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ أَنَّ الْفِطْرَةَ تَجِبُ على مَالِكِ الرَّقَبَةِ لِوُجُوبِهَا على من لَا نَفْعَ فيه وَحَكَوْا الْأُوَلَ قَوْلًا منهم الْمُصَنِّفُ وابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ وَغَيْرُهُمْ وَتَقَدَّمَ لو كان الْعَبْدُ مُسْتَأْجَرًا أو كانت الْأَمَةُ ظِئْرًا أَنَّ فِطْرَتَهُمَا تَجِبُ على السَّيِّدِ على الصَّحِيحِ.
تَنْبِيهٌ: مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَيَجُوزُ إخْرَاجُهَا قبل الْعِيدِ بِيَوْمَيْنِ. أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُهَا بِأَكْثَرَ من ذلك وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ. وَعَنْهُ يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ قال في الْإِفَادَاتِ وَيَجُوزُ قَبْلَهُ بِيَوْمَيْنِ أو. ثَلَاثَةٍ وَقَطَعَ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالنَّظْمِ أَنَّهُ يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا بِأَيَّامٍ وهو في بَعْضِ نُسَخِ الْإِرْشَادِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ أَرَادُوا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ كَالرِّوَايَةِ وَيُحْتَمَلُ غَيْرُ ذلك. وَقِيلَ يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا بِخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وحكى رِوَايَةً جَعْلًا لِلْأَكْثَرِ كَالْكُلِّ. وَقِيلَ يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا بِشَهْرٍ ذَكَرَهُ الْقَاضِي في شَرْحِهِ الصَّغِيرِ. قَوْلُهُ وَالْأَفْضَلُ إخْرَاجُهَا يوم الْعِيدِ قبل الصَّلَاةِ من بَعْدِ طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي. صَرَّحَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمَا أو قَدْرَهَا إنْ لم يُصَلِّ وَهَذَا الْمَذْهَبُ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ تُخْرَجُ قَبْلَهَا وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وقال غَيْرُ وَاحِدٍ من الْأَصْحَابِ الْأَفْضَلُ أَنْ تُخْرَجَ إذَا خَرَجَ إلَى الْمُصَلَّى وَجَزَمَ بِه ابن تَمِيمٍ فَدَخَلَ في كَلَامِهِمْ لو خَرَجَ إلَى الْمُصَلَّى قبل الْفَجْرِ. قَوْلُهُ وَيَجُوزُ في سَائِرِ الْيَوْمِ. وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم. وَقِيلَ يَحْرُمُ التَّأْخِيرُ إلَى بَعْدِ الصَّلَاةِ وَذَكَرَ الْمَجْدُ أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ أَوْمَأَ إلَيْهِ وَيَكُونُ قَضَاءً وَجَزَمَ بِه ابن الْجَوْزِيِّ في كِتَابِ أَسْبَابِ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَهَذَا الْقَوْلُ من الْمُفْرَدَاتِ قال في الرِّعَايَةِ عن الْقَوْلِ بِأَنَّهُ قَضَاءٌ وهو بَعِيدٌ.
تَنْبِيهٌ: يُحْتَمَلُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَيَجُوزُ في سَائِرِ الْيَوْمِ الْجَوَازُ من غَيْرِ كَرَاهَةٍ وهو بَعِيدٌ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي. وَيُحْتَمَلُ إرَادَتُهُ الْجَوَازَ مع الْكَرَاهَةِ وهو الْوَجْهُ الثَّانِي وهو الصَّحِيحُ قال في الْكَافِي وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ وكان تَارِكًا لِلِاخْتِيَارِ. قال في الْفُرُوعِ الْقَوْلُ بِالْكَرَاهَةِ أَظْهَرُ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ. قَوْلُهُ فَإِنْ أَخَّرَهَا عنه أَثِمَ وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ لَا يَأْثَمُ نَقَلَ الْأَثْرَمُ أَرْجُو أَنْ لَا بَأْسَ وَقِيلَ له في رِوَايَةِ الْكَحَّالِ فَإِنْ أَخَّرَهَا قال إذَا أَعَدَّهَا لِقَوْمٍ. قَوْلُهُ وَالْوَاجِبُ في الْفِطْرَةِ صَاعٌ من الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ. هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ إجْزَاءُ نِصْفِ صَاعٍ من الْبُرِّ قال وهو قِيَاسُ الْمَذْهَبِ في الْكَفَّارَةِ وَأَنَّهُ يَقْتَضِيهِ ما نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال وَاخْتَارَ ما اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ صَاحِبُ الْفَائِقِ.
فائدة: الصَّاعُ قَدْرٌ مَعْلُومٌ وقد تَقَدَّمَ قَدْرُهُ في آخِرِ بَابِ الْغُسْلِ. فَيُؤْخَذُ صَاعٌ من الْبُرِّ وَمِثْلُ مَكِيلِ ذلك من غَيْرِهِ. وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ ذلك مُسْتَوْفًى في أَوَّلِ بَابِ زَكَاةِ الْخَارِجِ من الْأَرْضِ. وَلَا عِبْرَةَ بِوَزْنِ التَّمْرِ وَقَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَلَا عِبْرَةَ بِوَزْنِ التَّمْرِ. قُلْت وَكَذَا غَيْرُهُ مِمَّا يُخْرِجُهُ سِوَى الْبُرِّ. وَقِيلَ يُعْتَبَرُ الصَّاعُ بِالْعَدَسِ كَالْبُرِّ. وَقُلْت بَلْ بِالْمَاءِ كما سَبَقَ انْتَهَى وَيُحْتَاطُ في الثَّقِيلِ لِيَسْقُطَ الْفَرْضُ بِيَقِينٍ. قَوْلُهُ وَدَقِيقُهُمَا وَسَوِيقُهُمَا. يَعْنِي دَقِيقَ الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وَسَوِيقَهُمَا فَيُجْزِئُ إخْرَاجُ أَحَدِهِمَا هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ. وَعَنْهُ لَا يُجْزِئُ ذلك. وَقِيلَ لَا يُجْزِئُ السَّوِيقُ اخْتَارَه ابن أبي مُوسَى وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ صَاعُ ذلك بِوَزْنِ حبه بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ. وَنَصَّ عليه لِأَنَّهُ لو أَخْرَجَ الدَّقِيقَ بِالْكَيْلِ لَنَقَصَ عن الْحَبِّ لِتَفَرُّقِ الإجزاء بِالطَّحْنِ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْإِجْزَاءُ وَإِنْ لم يُنْخَلْ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُصُولِ وَالْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ لَا يُجْزِئُ إخْرَاجُهُ إلَّا مَنْخُولًا وَأَطْلَقَهُمَا في الْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ. قَوْلِهِ وَمِنْ الْأَقِطِ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ. إحْدَاهُمَا الْإِجْزَاءُ مُطْلَقًا وهو الْمَذْهَبُ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ انْتَهَى وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وابن أبي مُوسَى وَالْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وابن عَقِيلٍ وابن عَبْدُوسٍ الْمُتَقَدِّمُ وابن الْبَنَّا وَالشِّيرَازِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ في تَذْكِرَةِ بن عَقِيلٍ وَالْمُبْهِجِ وَالْعُقُودِ لِابْنِ الْبَنَّا وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَالْإِفَادَاتِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في التصحيح [الصحيح] وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَالنَّاظِمُ. قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَيُجْزِئُ صَاعُ أَقِطٍ على الْأَظْهَرِ. وَعَنْهُ يُجْزِئُ لِمَنْ يَقْتَاتُهُ دُونَ غَيْرِهِ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَقَدَّمَهُ في الْمَذْهَبِ نَقَلَهُ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ وقال أبو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفِ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَجَمَاعَةٌ وَعَنْهُ لَا يُجْزِئُ إلَّا عِنْدَ عَدَمِ الْأَرْبَعَةِ فَاخْتَلَفَ نَقْلُهُمْ في مَحَلِّ الرِّوَايَةِ وَعَنْهُ لَا يُجْزِئُ مُطْلَقًا وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في التَّسْهِيلِ قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ. قُلْت قال في الْهِدَايَةِ فَأَمَّا الْأَقِطُ فَعَنْهُ أَنَّهُ لَا يُخْرَجُ منه مع وُجُودِ هذه الْأَصْنَافِ وَعَنْهُ أَنَّهُ يُخْرَجُ منه على الْإِطْلَاقِ وهو اخْتِيَارُ أبي بَكْرٍ فَحَكَى اخْتِيَارَ أبي بَكْرٍ جَوَازَ الْإِخْرَاجِ مُطْلَقًا وَحَكَى في الْفُرُوعِ اخْتِيَارَهُ عَدَمَ الْجَوَازِ مُطْلَقًا. فَلَعَلَّ أَنْ يَكُونَ له في الْمَسْأَلَةِ اخْتِيَارَانِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ هل يُجْزِئُ اللَّبَنُ غَيْرُ الْمَخِيضِ وَالْجُبْنُ أو لَا يُجْزِئَانِ أو يُجْزِئُ اللَّبَنُ دُونَ الْجُبْنِ أو عَكْسُهُ أو يُجْزِئَانِ عِنْدَ عَدَمِ الْأَقِطِ فيه أَقْوَالٌ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وابن تَمِيمٍ. وَأَطْلَقَ الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ. وَأَطْلَقَ الْأُولَيَيْنِ الزَّرْكَشِيُّ قال ابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ إجْزَاءُ اللَّبَنِ دُونَ الْجُبْنِ قال في الْفُرُوعِ وَاَلَّذِي وُجِدَ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ قال يُرْوَى عن الْحَسَنِ صَاعُ لَبَنٍ لِأَنَّ الْأَقِطَ رُبَّمَا ضَاقَ فلم يَتَعَرَّضْ لِلْجُبْنِ انْتَهَى. قُلْت الْجُبْنُ أَوْلَى من اللَّبَنِ. وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ احْتِمَالٌ في الرِّعَايَةِ وابن تَمِيمٍ وَالْفُرُوعِ وقال في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ إذَا قُلْنَا يَجُوزُ إخْرَاجُ الْأَقِطِ مُطْلَقًا فإذا عَدِمَهُ أَخْرَجَ عنه اللَّبَنَ قال الْقَاضِي إذَا عَدِمَ الْأَقِطَ وَقُلْنَا له إخْرَاجُهُ جَازَ إخْرَاجُ اللَّبَنِ. قال ابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ إذَا لم يَجِدْ الْأَقِطَ على الرِّوَايَةِ التي تَقُولُ يُجْزِئُ وَأَخْرَجَ عنه اللَّبَنَ أَجْزَأَهُ لِأَنَّ الْأَقِطَ من اللَّبَنِ لآنه لَبَنٌ مُجَمَّدٌ مُجَفَّفٌ بِالْمَصْلِ وَجَزَمَ بِه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وقال لِأَنَّهُ أَكْمَلُ منه. وقال الْمُصَنِّفُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ اللَّبَنُ بِحَالٍ. وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وإذا قُلْنَا يَجُوزُ إخْرَاجُ الْأَقِطِ لم يَجُزْ إخْرَاجُ اللَّبَنِ مع وُجُودِهِ وَيُجْزِئُ مع عَدَمِهِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَذَكَرَ بن أبي مُوسَى لَا يُجْزِئُ. قَوْلُهُ وَلَا يُجْزِئُ غَيْرُ ذلك. يَعْنِي إذْ وُجِدَ شَيْءٌ من هذه الْأَجْنَاسِ التي ذَكَرَهَا لم يُجْزِئْهُ غَيْرُهَا وَإِنْ كان يَقْتَاتُهُ وهو الصَّحِيحُ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَيَأْتِي كَلَامُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ قَرِيبًا. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ إجْزَاءُ أَحَدِ الْأَجْنَاسِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَإِنْ كان يَقْتَاتُ غَيْرَهُ وهو صَحِيحٌ لَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ.
تَنْبِيهٌ: دخل في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وهو قَوْلُهُ وَلَا يُجْزِئُ غَيْرُ ذلك الْقِيمَةُ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أنها لَا تُجْزِئُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه. وَعَنْهُ رِوَايَةٌ مُخَرَّجَةٌ يُجْزِئُ إخْرَاجُهَا. وَقِيلَ يُجْزِئُ كُلُّ مَكِيلٍ مَطْعُومٍ وقال ابن تَمِيمٍ وقد أَوْمَأَ إلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ يُجْزِئُهُ من قُوتِ بَلَدِهِ مِثْلُ الْأُرْزِ وَغَيْرِهِ وَلَوْ قَدَرَ على الْأَصْنَافِ الْمَذْكُورَةِ في الحديث وَذَكَرَهُ رِوَايَةً وَأَنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَجَزَمَ بِه ابن رَزِينٍ وَحَكَاهُ في الرِّعَايَةِ قَوْلًا. قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَعْدِمَهُ فَيُخْرِجَ مِمَّا يَقْتَاتُ عِنْدَ بن حَامِدٍ. سَوَاءٌ كان مَكِيلًا أو غَيْرَهُ كَالذُّرَةِ وَالدُّخْنِ وَاللَّحْمِ وَاللَّبَنِ وَسَائِرِ ما يَقْتَاتُ بِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ قال في التَّلْخِيصِ هذا الْمَذْهَبُ وَقِيلَ لَا يَعْدِلُ عن اللَّحْمِ وَاللَّبَنِ. وَعِنْدَ أبي بَكْرٍ يُخْرِجُ ما يَقُومُ مَقَامَ الْمَنْصُوصِ من حَبٍّ وَتَمْرٍ يُقْتَاتُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَكِيلًا مُقْتَاتًا يَقُومُ مَقَامَ الْمَنْصُوصِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ. قال الْمَجْدُ هذا أَشْبَهُ بِكَلَامِ أَحْمَدَ نَقَلَ حَنْبَلٌ ما يَقُومُ مَقَامَهَا صَاعٌ وهو قَوْلُ الْخِرَقِيِّ وَمَعْنَاهُ قَوْلُ أبي بَكْرٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَالْإِفَادَاتِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وابن تَمِيمٍ وَالْفَائِقِ وَالْحَاوِيَيْنِ زَادَ في التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ مِمَّا يَقْتَاتُ غَالِبًا. وَقِيلَ يُجْزِئُ ما يَقُومُ مَقَامَهَا وَإِنْ لم يَكُنْ مَكِيلًا. قال الزَّرْكَشِيُّ وَلِأَبِي الْحَسَنِ بن عَبْدُوسٍ احْتِمَالٌ لَا يُجْزِئُ غَيْرُ الْخَمْسَةِ. الْمَنْصُوصِ عليها وَتَبْقَى عِنْدَ عَدَمِ هذه الْخَمْسَةِ في ذِمَّتِهِ حتى يَقْدِرَ على أَحَدِهَا. قَوْلُهُ وَلَا يُخْرِجُ حَبًّا مَعِيبًا. كَحَبٍّ مُسَوِّسٍ وَمَبْلُولٍ وَقَدِيمٍ تَغَيَّرَ طَعْمُهُ وَنَحْوُهُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ إنْ عَدِمَ غَيْرَهُ أَجْزَأَ وَإِلَّا فَلَا.
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا لو خَالَطَ الذي يُجْزِئُ ما لَا يُجْزِئُ فَإِنْ كان كَثِيرًا لم يُجْزِئْ وَإِنْ كان يَسِيرًا زَادَ بِقَدْرِ ما يَكُونُ الْمُصَفَّى صَاعًا لِأَنَّهُ ليس عَيْبًا لِقِلَّةِ مَشَقَّةِ تَنْقِيَتِهِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ. قُلْت لو قِيلَ بِالْإِجْزَاءِ وَلَوْ كان ما لَا يُجْزِئُ كَثِيرًا إذَا زَادَ بِقَدْرِهِ لَكَانَ قَوِيًّا. الثَّانِيَةُ نَصَّ الْإِمَامُ احمد على تَنْقِيَةِ الطَّعَامِ الذي يُخْرِجُهُ. قَوْلُهُ وَلَا خُبْزًا. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ إلَّا ابن عَقِيلٍ فإنه قال يُجْزِئُ وَحَكَاهُ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا قَوْلًا وقال الزَّرْكَشِيُّ في كِتَابِ الْكَفَّارَاتِ لو قِيلَ بِإِجْزَاءِ الْخُبْزِ في الْفِطْرَةِ لَكَانَ مُتَوَجِّهًا وَكَأَنَّهُ لم يَطَّلِعْ على كَلَامِ بن عَقِيلٍ. قَوْلُهُ وَيُجْزِئُ إخْرَاجُ صَاعٍ من أَجْنَاسٍ. هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وهو من الْمُفْرَدَاتِ لِتَفَاوُتِ مَقْصُودِهَا وَاتِّحَادِهِ وَقَاسَهُ الْمُصَنِّفُ على فِطْرَةِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقُلْت لَا يُخْرِجُ فِطْرَةَ عَبْدِهِ من جِنْسَيْنِ إذَا كان لِاثْنَيْنِ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ وَاحْتِمَالٌ من الْكَفَّارَةِ لَا يُجْزِئُ لِظَاهِرِ الْأَخْبَارِ إلَّا أَنْ تُعَدَّ بِالْقِيمَةِ وَخَرَّجَ في الْقَوَاعِدِ وَجْهًا بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ. قَوْلُهُ وَأَفْضَلُ الْمُخْرَجِ التَّمْرُ. هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَنَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ اتِّبَاعًا لِلسُّنَّةِ وَلِفِعْلِ. الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَلِأَنَّهُ قُوتٌ وَحَلَاوَةٌ وَأَقْرَبُ تَنَاوُلًا وَأَقَلُّ كُلْفَةً. قُلْت وَالزَّبِيبُ يُسَاوِيهِ في ذلك كُلِّهِ لَوْلَا الْأَثَرُ. وقال في الْحَاوِيَيْنِ وَعِنْدِي الْأَفْضَلُ أَعْلَى الْأَجْنَاسِ قِيمَةً وَأَنْفَعُ. فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لو وُجِدَ ذلك لَكَانَ أَفْضَلَ من التَّمْرِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ غير التَّمْرِ وقال الشَّارِحُ وابن رَزِينٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَفْضَلَهَا أَغْلَاهَا ثَمَنًا كما أَنَّ أَفْضَلَ الرِّقَابِ أَغْلَاهَا ثَمَنًا. قَوْلُهُ ثُمَّ ما هو أَنْفَعُ لِلْفُقَرَاءِ. وَهَذَا أَحَدُ الْوُجُوهِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَجَزَمَ بِهِ في التَّسْهِيلِ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَقِيلَ الْأَفْضَلُ بَعْدَ التَّمْرِ الزَّبِيبُ وهو الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَعُقُودِ بن الْبَنَّا وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهِدَايَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْمُنَوِّرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وابن تَمِيمٍ وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَاخْتَارَه ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ قال ابن منجا في شَرْحِهِ وَالْأَفْضَلُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ بَعْدَ التَّمْرِ الزَّبِيبُ قال الزَّرْكَشِيُّ هو قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ وَأَطْلَقَهُمَا الْمَجْدُ في شَرْحِهِ. وَقِيلَ الْأَفْضَلُ بَعْدَ التَّمْرِ الْبُرُّ جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَحَمَلَ بن منجا في شَرْحِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ هُنَا عليه وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. وَعَنْهُ الْأَقِطُ أَفْضَلُ لِأَهْلِ الْبَادِيَةِ إنْ كان قُوتَهُمْ. وَقِيلَ الْأَفْضَلُ ما كان قُوتَ بَلَدِهِ غَالِبًا وَقْتَ الْوُجُوبِ. قُلْت وهو قَوِيٌّ. قال في الرِّعَايَةِ قُلْت الْأَفْضَلُ ما كان قُوتَ بَلَدِهِ غَالِبًا وَقْتَ الْوُجُوبِ لَا قُوتَهُ هو وَحْدَهُ انْتَهَى. وَأَيَّهُمَا كان أَعْنِي الزَّبِيبَ وَالْبُرَّ كان أَفْضَلَ بَعْدَهُ في الْأَفْضَلِيَّةِ الْآخَرُ ثُمَّ الشَّعِيرُ بَعْدَهُمَا ثُمَّ دَقِيقُهُمَا ثُمَّ سَوِيقُهُمَا قَالَهُ في الرِّعَايَةِ. قَوْلُهُ وَيَجُوزُ أَنْ يعطى الْجَمَاعَةَ ما يَلْزَمُ الْوَاحِدَ وَالْوَاحِدَ ما يَلْزَمُ الْجَمَاعَةَ. هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه على ما يَأْتِي في اسْتِيعَابِ الْأَصْنَافِ في بَابِ ذِكْرِ أَهْلِ الزَّكَاةِ لَكِنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ لَا يَنْقُصَ الْوَاحِدُ عن مُدِّ بُرٍّ أو نِصْفِ صَاعٍ من غَيْرِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وَعَنْهُ الْأَفْضَلُ تَفْرِقَةُ الصَّاعِ قال في الْفُرُوعِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ لِلْخُرُوجِ من الْخِلَافِ. وَعَنْهُ الْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَنْقُصَ الْوَاحِدُ عن الصَّاعِ قال في الْفُرُوعِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ لِلْمَشَقَّةِ وَعَدَمِ نَقْلِهِ وَعَمَلِهِ. وقال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ لو فَرَّقَ فِطْرَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ على جَمَاعَةٍ لم يُجْزِهِ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال.
فَوَائِدُ: الْأُولَى الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ تَفْرِيقَ الْفِطْرَةِ بِنَفْسِهِ أَفْضَلُ وَعَنْهُ دَفْعُهَا إلَى الْإِمَامِ الْعَادِلِ أَفْضَلُ نَقَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ. وَيَأْتِي مَزِيدُ بَيَانٍ على ذلك في الْبَابِ الذي بَعْدَهُ. الثَّانِيَةُ لو أَعْطَى الْفَقِيرَ فِطْرَةً فَرَدَّهَا الْفَقِيرُ إلَيْهِ عن نَفْسِهِ جَازَ عِنْدَ الْقَاضِي قال في التَّلْخِيصِ جَازَ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ. قُلْت وهو الصَّوَابُ إنْ لم يَحْصُلْ حِيلَةٌ في ذلك. وقال أبو بَكْرٍ مَذْهَبُ أَحْمَدَ لَا يَجُوزُ كَشِرَائِهَا وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ. وَلَوْ حَصَلَتْ عِنْدَ الْإِمَامِ فَقَسَّمَهَا على مُسْتَحِقِّيهَا فَعَادَ إلَى إنْسَانٍ فِطْرَتُهُ جَازَ عِنْدَ الْقَاضِي أَيْضًا وهو الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَنَصَرَهُ وَغَيْرُهُ. وقال أبو بَكْرٍ مَذْهَبُ أَحْمَدَ لَا يَجُوزُ كَشِرَائِهَا. وَظَاهِرُ الْفُرُوعِ وابن رَزِينٍ إطْلَاقُ الْخِلَافِ فِيهِمَا فَإِنَّهُمَا قَالَا جَائِزٌ عِنْدَ الْقَاضِي وَعِنْدَ أبي بَكْرٍ لَا يَجُوزُ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ قال في الرِّعَايَتَيْنِ الْخِلَافُ في الْإِجْزَاءِ وَقِيلَ في التَّحْرِيمِ انْتَهَى. وَتَقَدَّمَتْ الْمَسْأَلَةُ بِأَعَمَّ من ذلك في الرِّكَازِ فَلْتُعَاوَدْ. وَلَوْ عَادَتْ إلَيْهِ بِمِيرَاثٍ جَازَ قَوْلًا وَاحِدًا. الثَّالِثَةُ مَصْرِفُ الْفِطْرَةِ مَصْرِفُ الزَّكَاةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ فَلَا يَجُوزُ دَفْعُهَا لِغَيْرِهِمْ وقال ابن عَقِيلٍ في الْفُنُونِ عن بَعْضِ الْأَصْحَابِ تُدْفَعُ إلَى من لَا يَجِدُ ما يَلْزَمُهُ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ لَا يَجُوزُ دَفْعُهَا إلَّا لِمَنْ يَسْتَحِقُّ الْكَفَّارَةَ وهو من يَأْخُذُ لِحَاجَتِهِ وَلَا تُصْرَفُ في الْمُؤَلَّفَةِ وَالرِّقَابِ وَغَيْرِ ذلك. الرَّابِعَةُ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ في رِوَايَةِ الْفَضْلِ بن زِيَادٍ ما أَحْسَنَ ما كان عَطَاءُ بن أبي رَبَاحٍ يَفْعَلُ يعطى عن أَبَوَيْهِ صَدَقَةَ الْفِطْرِ حتى مَاتَ وَهَذَا تَبَرُّعٌ.
قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا عن وَقْتِ وُجُوبِهَا مع إمْكَانِهِ. هذا الْمَذْهَبُ في الْجُمْلَةِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم. وَقِيلَ لَا يَلْزَمُ إخْرَاجُهَا على الْفَوْرِ لِإِطْلَاقِ الْأَمْرِ كَالْكَفَّارَةِ. قَوْلُهُ مع إمْكَانِهِ. يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَدَرَ على إخْرَاجِهَا لم يَجُزْ تَأْخِيرُهَا وَإِنْ تَعَذَّرَ أخراجها من النِّصَابِ لِغَيْبَةٍ أو غَيْرِهَا جَازَ التَّأْخِيرُ إلَى الْقُدْرَةِ وَلَوْ كان قَادِرًا على الْإِخْرَاجِ من غَيْرِهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمَا. وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَجُوزَ التَّأْخِيرُ إنْ وَجَبَتْ في الذِّمَّةِ ولم تَسْقُطْ بِالتَّلَفِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ يَجُوزُ التَّأْخِيرُ لِضَرَرٍ عليه مِثْلَ أَنْ يَخْشَى رُجُوعَ السَّاعِي عليه وَنَحْوِ ذلك كَخَوْفِهِ على نَفْسِهِ أو مَالِهِ. وَيَجُوزُ له التَّأْخِيرُ أَيْضًا لِحَاجَتِهِ إلَى زَكَاتِهِ إذَا كان فَقِيرًا مُحْتَاجًا إلَيْهَا تَخْتَلُّ كِفَايَتُهُ وَمَعِيشَتُهُ بِإِخْرَاجِهَا نَصَّ عليه وَيُؤْخَذُ منه ذلك عِنْدَ مَيْسَرَتِهِ. قُلْت فَيُعَايَى بها. وَيَجُوزُ أَيْضًا التَّأْخِيرُ لِيُعْطِيَهَا لِمَنْ حَاجَتُهُ أَشَدُّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَقَلَ يَعْقُوبُ لَا أُحِبُّ تَأْخِيرَهَا إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ قَوْمًا مِثْلَهُمْ في الْحَاجَةِ فَيُؤَخِّرُهَا لهم قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ وقال جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ. قُلْت منهم صَاحِبُ الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وابن رَزِينٍ. وقال جَمَاعَةٌ منهم الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَمُجَرَّدِهِ يَجُوزُ بِزَمَنٍ يَسِيرٍ لِمَنْ حَاجَتُهُ أَشَدُّ لِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إلَيْهِ وَلَا يَفُوتُ الْمَقْصُودُ وَإِلَّا لم يَجُزْ تَرْكُ وَاجِبٍ لِمَنْدُوبٍ. قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَقَيَّدَ ذلك بَعْضُهُمْ بِالزَّمَنِ الْيَسِيرِ. قال في الْمُذْهَبِ وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا مع الْقُدْرَةِ فَإِنْ أَمْسَكَهَا الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ لِيَتَحَرَّى الْأَفْضَلَ جَازَ قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ الْمَنْعُ. وَيَجُوزُ أَيْضًا التَّأْخِيرُ لِقَرِيبٍ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال [وقل] جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ. قُلْت منهم بن رَزِينٍ وَصَاحِبُ الْحَاوِيَيْنِ. وَقَدَّمَ جَمَاعَةٌ الْمَنْعَ منهم صَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ. قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَأَطْلَقَ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ رِوَايَتَيْنِ في الْقَرِيبِ ولم يُقَيِّدَاهُ بِالزَّمَنِ الْيَسِيرِ. وَيَجُوزُ أَيْضًا التَّأْخِيرُ لِلْجَارِ كَالْقَرِيبِ جَزَمَ بِهِ في الْحَاوِيَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال ولم يَذْكُرْهُ الْأَكْثَرُ وَقَدَّمَ الْمَنْعَ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ. وَعَنْهُ له أَنْ يعطى قَرِيبَهُ كُلَّ شَهْرٍ شيئا وَحَمَلَهَا أبو بَكْرٍ على تَعْجِيلِهَا قال الْمَجْدُ وهو خِلَافُ الظَّاهِرِ. وَعَنْهُ ليس له ذلك وَأَطْلَقَ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ الرِّوَايَتَيْنِ.
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ وَالسَّاعِي تَأْخِيرُ الزَّكَاةِ عِنْدَ رَبِّهَا لِمَصْلَحَةٍ كَقَحْطٍ وَنَحْوِهِ جَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ. الثَّانِيَةُ وَهِيَ كَالْأَجْنَبِيَّةِ مِمَّا نَحْنُ فيه نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ على لُزُومِ فَوْرِيَّةِ النَّذْرِ الْمُطْلَقِ وَالْكَفَّارَةِ وهو الْمَذْهَبُ قَالَهُ في الْقَوَاعِدُ وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ لَا يَلْزَمَانِ على الْفَوْرِ قال ذلك بن تَمِيمٍ وَتَبِعَهُ صَاحِبُ الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وقال في الْفَائِقِ الْمَنْصُوصُ عَدَمُ لُزُومِ الْفَوْرِيَّةِ وَلَعَلَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ. قَوْلُهُ وَمَنْ مَنَعَهَا بُخْلًا بها أُخِذَتْ منه وَعُزِّرَ. وَكَذَا لو مَنَعَهَا تَهَاوُنًا زَادَ في الرِّعَايَةِ من عِنْدِهِ أو هَمْلًا قال في الْفُرُوعِ كَذَا أَطْلَقَ جَمَاعَةٌ التعزيز [التعزير]. قُلْت أَطْلَقَهُ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ. وقال الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ إنْ فَعَلَهُ لِفِسْقِ الْإِمَامِ لِكَوْنِهِ لَا يَضَعُهَا مَوَاضِعَهَا لم يُعَزَّرْ وَجَزَمَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ من الْأَصْحَابِ منهم صَاحِبُ الرِّعَايَةِ وَالْفَائِقِ. قُلْت وَهَذَا الصَّوَابُ بَلْ لو قِيلَ بِوُجُوبِ كِتْمَانِهِ وَالْحَالَةُ هذه لَكَانَ سَدِيدًا.
تَنْبِيهٌ: مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ وَعُزِّرَ إذَا كان عَالِمًا بِتَحْرِيمِ ذلك وَالْمُعَزِّرُ له هو الْإِمَامُ أو عَامِلُ الزَّكَاةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ. وَقِيلَ إنْ كان مَالُهُ بَاطِنًا عَزَّرَهُ الْإِمَامُ أو الْمُحْتَسِبُ. قَوْلُهُ فَإِنْ غَيَّبَ مَالَهُ أو كَتَمَهُ أو قَاتَلَ دُونَهَا وَأَمْكَنَ أَخْذُهَا أُخِذَتْ منه من غَيْرِ زِيَادَةٍ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وقال أبو بَكْرٍ في زَادِ الْمُسَافِرِ يَأْخُذُهَا وَشَطْرَ مَالِهِ وَقَدَّمَهُ الْحَلْوَانِيُّ في التَّبْصِرَةِ وَذَكَرَهُ الْمَجْدُ رِوَايَةً. قال أبو بَكْرٍ أَيْضًا يَأْخُذُ شَطْرَ مَالِهِ الزَّكَوِيِّ وقال إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ يُؤْخَذُ من خِيَارِ مَالِهِ زِيَادَةَ الْقِيمَةِ بِشَطْرِهَا من غَيْرِ زِيَادَةِ عَدَدٍ وَلَا سِنٍّ. قال الْمَجْدُ وَهَذَا تَكَلُّفٌ ضَعِيفٌ. وَعَنْهُ تُؤْخَذُ منه وَمِثْلُهَا ذَكَرَهَا ابن عَقِيلٍ وَقَالَهُ أبو بَكْرٍ أَيْضًا في زَادِ الْمُسَافِرِ. وقال ابن عَقِيلٍ في مَوْضِعٍ من كَلَامِهِ إذَا مَنَعَ الزَّكَاةَ فَرَأَى الْإِمَامُ التَّغْلِيظَ عليه بِأَخْذِ زِيَادَةٍ عليها اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ في ذلك.
تَنْبِيهَاتٌ: أَحَدُهَا مَحَلُّ هذا عِنْدَ صَاحِبِ الْحَاوِي وَجَمَاعَةٍ فِيمَنْ كَتَمَ مَالَهُ فَقَطْ وقال في الْحَاوِي وَكَذَا قِيلَ إنْ غَيَّبَ مَالَهُ أو قَاتَلَ دُونَهَا. الثَّانِي قال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ منهم بن حَمْدَانَ وَإِنْ أَخَذَهَا غَيْرُ عَدْلٍ فيها لم يَأْخُذْ من الْمُمْتَنِعِ زِيَادَةً. قُلْت وهو الصَّوَابُ. وَأَطْلَقَ جَمَاعَةٌ آخَرُونَ الْأَخْذَ كَمَسْأَلَةِ التَّعْزِيرِ السَّابِقَةِ. الثَّالِثُ قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَنَّهُ إذَا قَاتَلَ عليها لم يَكْفُرْ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. قال الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وقال بَعْضُ أَصْحَابِنَا إنْ قَاتَلَ عليها كَفَرَ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَجَزَمَ بِهِ بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ الرِّوَايَتَيْنِ. وَعَنْهُ يَكْفُرُ وَإِنْ لم يُقَاتِلْ عليها وَتَقَدَّمَ ذلك في كِتَابِ الصَّلَاةِ. قَوْلُهُ فَإِنْ لم يُمْكِنُ أَخْذُهَا اُسْتُتِيبَ ثَلَاثًا فَإِنْ تَابَ وَأَخْرَجَ وَإِلَّا قُتِلَ. حُكْمُ اسْتِتَابَتِهِ هُنَا حُكْمُ اسْتِتَابَةِ الْمُرْتَدِّ في الْوُجُوبِ وَعَدَمِهِ على ما يَأْتِي بَيَانُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى في بَابِهِ وإذا قُتِلَ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُقْتَلُ حَدًّا وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَعَنْهُ يُقْتَلُ كُفْرًا.
فائدة: إذَا لم يُمْكِنْ أَخْذُ الزَّكَاةِ منه إلَّا بِالْقِتَالِ وَجَبَ على الْإِمَامِ قِتَالُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَذَكَرَ بن أبي مُوسَى رِوَايَةً لَا يَجِبُ قِتَالُهُ إلَّا من جَحْدِ وُجُوبِهَا. قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَى ما يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ من نُقْصَانِ النِّصَابِ أو الْحَوْلِ أو انْتِقَالِهِ عنه في بَعْضِ الْحَوْلِ وَنَحْوِهِ كَادِّعَائِهِ أَدَاءَهَا أو أَنَّ ما بيده لِغَيْرِهِ أو تَجَدَّدَ مِلْكُهُ قَرِيبًا أو أَنَّهُ مُنْفَرِدٌ مُخْتَلِطٌ قُبِلَ قَوْلُهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ نَصَّ عليه. وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وقال ابن حَامِدٍ يُسْتَحْلَفُ في ذلك كُلِّهِ وَوَجَّهَ في الْفُرُوعِ احْتِمَالًا يُسْتَحْلَفُ إنْ اُتُّهِمَ وَإِلَّا فَلَا وقال الْقَاضِي في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ إنْ رَأَى الْعَامِلُ أَنَّهُ يَسْتَحْلِفُهُ فَعَلَ فَإِنْ نَكَلَ لم يَقْضِ عليه بِنُكُولِهِ وَقِيلَ يَقْضِي عليه. قُلْت فَعَلَى قَوْلِ الْقَاضِي يُعَايَى بها.
فائدة: قال بَعْضُ الْأَصْحَابِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّ الْيَمِينَ لَا تُشْرَعُ. قال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ ظَاهِرُ قَوْلِهِ لَا يُسْتَحْلَفُ الناس على صَدَقَاتِهِمْ لَا يَجِبُ وَلَا يُسْتَحَبُّ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ لِلْفُقَرَاءِ بِمَالٍ. قَوْلُهُ وَالصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ يُخْرِجُ عنهما وَلِيُّهُمَا. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم. وَعَنْهُ لَا يَلْزَمُهُ الْإِخْرَاجُ إنْ خَافَ أَنْ يُطَالَبَ بِذَلِكَ كَمَنْ يَخْشَى رُجُوعَ السَّاعِي لَكِنْ يَعْلَمُهُ إذَا بَلَغَ وَعَقِلَ. قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِنْسَانِ تَفْرِقَةُ زَكَاتِهِ بِنَفْسِهِ. سَوَاءٌ كانت زَكَاةَ مَالٍ أو فِطْرَةٍ نَصَّ عليه قال بَعْضُ الْأَصْحَابِ منهم بن حَمْدَانَ يُشْتَرَطُ أَمَانَتُهُ قال في الْفُرُوعِ وهو مُرَادُ غَيْرِهِ أَيْ من حَيْثُ الْجُمْلَةُ انْتَهَى. قَوْلُهُ وَلَهُ دَفْعُهَا إلَى السَّاعِي وَإِلَى الْإِمَامِ أَيْضًا. وَهَذَا الْمَذْهَبُ في ذلك كُلِّهِ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ قال نَاظِمُهَا. % زَكَاتُهُ يُخْرِجُ في الْأَيَّامِ % بِنَفْسِهِ أَوْلَى من الْإِمَامِ %. وَقِيلَ يَجِبُ دَفْعُهَا إلَى الْإِمَامِ إذَا طَلَبَهَا وَفَاقَا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ. وَعَنْهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ الْعُشْرَ وَيَتَوَلَّى هو تَفْرِيقَ الْبَاقِي. وقال أبو الْخَطَّابِ دَفْعُهَا إلَى الْإِمَامِ الْعَادِلِ أَفْضَلُ وَاخْتَارَه ابن أبي مُوسَى لِلْخُرُوجِ من الْخِلَافِ وَزَوَالِ التُّهْمَةِ. وَعَنْهُ دَفْعُ الْمَالِ الظَّاهِرِ إلَيْهِ أَفْضَلُ. وَعَنْهُ دَفْعُ الْفِطْرَةِ إلَيْهِ أَفْضَلُ نَقَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ كما تَقَدَّمَ في آخِرِ بَابِ الْفِطْرَةِ. وَقِيلَ يَجِبُ دَفْعُ زَكَاةِ الْمَالِ الظَّاهِرِ إلَى الْإِمَامِ وَلَا يُجْزِئُ دُونَهُ.
فَوَائِدُ: الْأُولَى يَجُوزُ دَفْعُ زَكَاتِهِ إلَى الْإِمَامِ الْفَاسِقِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وقال الْقَاضِي في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ يَحْرُمُ عليه دَفْعُهَا إنْ وَضَعَهَا في غَيْرِ أَهْلِهَا وَيَجِبُ كَتْمُهَا إذَنْ عنه وَاخْتَارَهُ في الْحَاوِي. قُلْت وهو الصَّوَابُ. وَيَأْتِي في بَابِ قِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ أَنَّهُ يُجْزِئُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَى الْخَوَارِجِ وَالْبُغَاةِ نَصَّ عليه في الْخَوَارِجِ. الثَّانِيَةُ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ طَلَبُ الزَّكَاةِ من الْمَالِ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ إنْ وَضَعَهَا في أَهْلِهَا وقال الْقَاضِي في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ لَا نَظَرَ له في زَكَاةِ الْمَالِ الْبَاطِنِ إلَّا أَنْ يُبْذَلَ له وقال ابن تَمِيمٍ فِيمَا تَجِبُ فيه الزَّكَاةُ. قال الْقَاضِي إذَا مَرَّ الْمُضَارِبُ أو الْمُؤَذِّنُ له بِالْمَالِ على عَاشِرِ الْمُسْلِمِينَ أَخَذَ منه الزَّكَاةَ قال وَقِيلَ لَا تُؤْخَذُ منه حتى يَحْضُرَ الْمَالِكُ. الثَّالِثَةُ لو طلبها [طلقها] الْإِمَامُ لم يَجِبْ دَفْعُهَا إلَيْهِ وَلَيْسَ له أَنْ يُقَاتِلَهُ على ذلك إذَا لم يَمْنَعْ إخْرَاجُهَا بِالْكُلِّيَّةِ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِه ابن شِهَابٍ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَمُخْتَصَرِ بن تَمِيمٍ وهو من الْمُفْرَدَاتِ. وَقِيلَ يَجِبُ عليه دَفْعُهَا إذَا طَلَبهَا إلَيْهِ وَلَا يُقَاتَلُ لِأَجْلِهِ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فيه جَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ قال في الْفُرُوعِ وَصَحَّحَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ في الْخِلَافِ. قُلْت صَحَّحَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ. وَقِيلَ لَا يَجِبُ دَفْعُ الْبَاطِنَةِ بِطَلَبِهِ قال ابن تَمِيمٍ وَجْهًا وَاحِدًا. وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ من جَوَّزَ الْقِتَالَ على تَرْكِ طَاعَةِ وَلِيِّ الْأَمْرِ جَوَّزَهُ هُنَا وَمَنْ لم يُجَوِّزْهُ إلَّا على تَرْكِ طَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ لم يُجَوِّزْهُ. الرَّابِعَةُ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ طَلَبُ النَّذْرِ وَالْكَفَّارَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه في الْكَفَّارَةِ وَالظِّهَارِ. وَقِيلَ ليس له ذلك وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ. الْخَامِسَةُ يَجِبُ على الْإِمَامِ أَنْ يَبْعَثَ السُّعَاةَ عِنْدَ قُرْبِ الْوُجُوبِ لِقَبْضِ زَكَاةِ الْمَالِ الظَّاهِرِ وَأَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ وَقَالَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْوُجُوبُ هو الْمَذْهَبُ ولم يذكر جَمَاعَةٌ هذه الْمَسْأَلَةَ فَيُؤْخَذُ منه لَا يَجِبُ. قال في الْفُرُوعِ وَلَعَلَّهُ أَظْهَرُ وفي الرِّعَايَةِ قَوْلٌ يُسْتَحَبُّ. وَيَجْعَلُ حَوْلَ الْمَاشِيَةِ الْمُحَرَّمَ لِأَنَّهُ أَوَّلُ السَّنَةِ وَتَوَقَّفَ أَحْمَدُ ومثله [ومنه] إلَى شَهْرِ رَمَضَانَ فَإِنْ وَجَدَ مَالًا لم يَحُلْ حَوْلُهُ فَإِنْ عَجَّلَ رَبُّهُ زَكَاتَهُ وَإِنَّمَا وَكَّلَ ثِقَةً يَقْبِضُهَا ثُمَّ يَصْرِفُهَا في مَصَارِفِهَا وَلَهُ جَعْلُ ذلك إلَى رَبِّ الْمَالِ إنْ كان ثِقَةً وَإِنْ لم يَجِدْ ثِقَةً فقال الْقَاضِي يُؤَخِّرُهَا إلَى الْعَامِ الثَّانِي وقال الْآمِدِيُّ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يُخْرِجَهَا. قُلْت وهو الصَّوَابُ. وقال في الْكَافِي إنْ لم يُعَجِّلْهَا فَإِمَّا أَنْ يُوَكِّلَ أو يُؤَخِّرَهَا إلَى الْحَوْلِ الثَّانِي. وإذا قَبَضَ السَّاعِي الزَّكَاةَ فَرَّقَهَا في مَكَانِهَا وما قَارَبَهُ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ حَمَلَهُ. وَلَهُ بَيْعُ مَالِ الزَّكَاةِ لِحَاجَةٍ أو مَصْلَحَةٍ وَصَرْفُهُ في الْأَحَظِّ لِلْفُقَرَاءِ أو حَاجَتِهِمْ حتى في أُجْرَةِ مَسْكَنٍ. وَإِنْ بَاعَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ فقال الْقَاضِي لَا يَصِحُّ وَقِيلَ يَصِحُّ وَقَدَّمَهُ بَعْضُهُمْ وهو بن حَمْدَانَ في رِعَايَتَيْهِ وَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ في الْكَافِي على الْبَيْعِ إنْ خَافَ تَلَفَهُ وَمَالَ إلَى الصِّحَّةِ وَكَذَا جَزَمَ بن تَمِيمٍ أَنَّهُ لَا يَبِيعُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ لِخَوْفِ تَلَفٍ وَمُؤْنَةِ نَقْلٍ فَإِنْ فَعَلَ فَفِي الصِّحَّةِ وَجْهَانِ أَطْلَقَهُمَا في الْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ. قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُهَا إلَّا بِنِيَّةٍ. هذا بِلَا نِزَاعٍ من حَيْثُ الْجُمْلَةُ فَيَنْوِي الزَّكَاةَ أو صَدَقَةَ الْفِطْرِ فَلَوْ نَوَى صَدَقَةً مُطْلَقَةً لم يُجْزِهِ وَلَوْ تَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَالِهِ كَصَدَقَتِهِ بِغَيْرِ النِّصَابِ من جِنْسِهِ لِأَنَّ. صَرْفَ الْمَالِ إلَى الْفَقِيرِ له جِهَاتٌ فَلَا تَتَعَيَّنُ الزَّكَاةُ إلَّا بِالتَّعْيِينِ وقال الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ إنْ تَصَدَّقَ بِمَالِهِ الْمُعَيَّنِ أَجْزَأَهُ. وَلَوْ نَوَى صَدَقَةَ الْمَالِ أو الصَّدَقَةَ الْوَاجِبَةَ أَجْزَأَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال في الرِّعَايَةِ كَفَى في الْأَصَحِّ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ وقال وَظَاهِرُ التَّعْلِيلِ الْمُتَقَدِّمِ لَا يَكْفِي نِيَّةُ الصَّدَقَةِ الْوَاجِبَةِ أو صَدَقَةِ الْمَالِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ من أَنَّهُ يَنْوِي الزَّكَاةَ قال وَهَذَا مُتَّجَهٌ.
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا لَا تُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْفَرْضِ وَلَا تَعْيِينُ الْمَالِ الْمُزَكَّى على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وفي تَعْلِيقِ الْقَاضِي في كِتَابِ الطَّهَارَةِ وَجْهٌ تُعْتَبَرُ نِيَّةُ التَّعْلِيقِ إذَا اخْتَلَفَ الْمَالُ مِثْلُ شَاةٍ عن خَمْسٍ من الْإِبِلِ وَشَاةٍ أُخْرَى عن أَرْبَعِينَ من الْغَنَمِ وَدِينَارٍ عن نِصَابٍ تَالِفٍ وَدِينَارٍ آخَرَ عن نِصَابٍ قَائِمٍ وَصَاعٍ عن فِطْرَةٍ وَصَاعٍ آخَرَ عن عُشْرٍ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو نَوَى زَكَاةً عن مَالِهِ الْغَائِبِ فَإِنْ كان تَالِفًا فَعَنْ الْحَاضِرِ أَجْزَأَ عنه إنْ كان الْغَائِبُ تَالِفًا وَإِنْ كَانَا سَالِمَيْنِ أَجْزَأَ عن أَحَدِهِمَا وَلَوْ كان له خَمْسٌ من الْإِبِلِ وَأَرْبَعُونَ من الْغَنَمِ فقال هذه الشَّاةُ عن الْإِبِلِ أو الْغَنَمِ أَجْزَأَتْهُ عن إحْدَاهُمَا وَكَذَا لو كان له مَالٌ حَاضِرٌ وَغَائِبٌ وَأَخْرَجَ وقال هذا زَكَاةُ مَالِي الْحَاضِرِ أو الْغَائِبِ وَإِنْ قال هذا عن مَالِي الْغَائِبِ إنْ كان سَالِمًا وَإِنْ لم يَكُنْ سَالِمًا فَتَطَوَّعَ فَبَانَ سَالِمًا أَجْزَأَهُ عنه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وقال أبو بَكْرٍ لَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ لم يُخْلِصْ النِّيَّةَ لِلْفَرْضِ كَمَنْ قال هذه زَكَاةُ مَالِي أو نَفْلٌ أو هذه زَكَاةُ إرْثِي من مُوَرِّثِي إنْ كان مَاتَ لِأَنَّهُ لم يَبْنِ على أَصْلٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. قال الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ كَقَوْلِهِ لَيْلَةَ الشَّكِّ إنْ كان غَدًا من رَمَضَانَ فَفَرْضِيٌّ. وَإِلَّا فَنَفْلِيٌّ وقال الْمَجْدُ كَقَوْلِهِ إنْ كان وَقْتُ الظُّهْرِ دخل فَصَلَاتِي هذه عنها وقال جَمَاعَةٌ منهم [منهما] بن تَمِيمٍ لو قال في الصَّلَاةِ إنْ كان الْوَقْتُ دخل فَفَرْضٌ وَإِلَّا فَنَفْلٌ فَعَلَى الْوَجْهَيْنِ. وقال أبو الْبَقَاءِ فِيمَنْ بَلَغَ في الْوَقْتِ التَّرَدُّدُ في الْعِبَادَةِ يُفْسِدُهَا وَلِهَذَا لو صلى أو نَوَى إنْ كان الْوَقْتُ قد دخل فَهِيَ فَرِيضَةٌ وَإِنْ لم يَكُنْ دخل فَنَافِلَةٌ لم يَصِحَّ له فَرْضًا وَلَا نَفْلًا وَتَقَدَّمَ في كِتَابِ الزَّكَاةِ في فَوَائِدِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ في الْعَيْنِ أو في الذِّمَّةِ هل يَلْزَمُهُ إخْرَاجُ زَكَاةِ مَالِهِ الْغَائِبِ أَمْ لَا. الثَّانِيَةُ الْأَوْلَى مُقَارَنَةُ النِّيَّةِ لِلدَّفْعِ وَيَجُوزُ تَقْدِيمُهَا على الدَّفْعِ بِزَمَنٍ يَسِيرٍ كَالصَّلَاةِ على ما سَبَقَ من الْخِلَافِ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ يَجُوزُ تَقْدِيمُ النِّيَّةِ على الْأَدْنَى بِالزَّمَنِ الْيَسِيرِ كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ وقال في الرَّوْضَةِ تُعْتَبَرُ النِّيَّةُ عِنْدَ الدَّفْعِ. قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُهَا إلَّا بِنِيَّةٍ إلَّا أَنْ يَأْخُذَهَا الْإِمَامُ منه قَهْرًا. إذَا أَخَذَ الْإِمَامُ الزَّكَاةَ منه وَأَخْرَجَهَا نَاوِيًا لِلزَّكَاةِ ولم يَنْوِهَا رَبُّهَا أَجْزَأَتْ عن رَبِّهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال الْمَجْدُ هو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَالْخِرَقِيِّ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ قال ابن منجا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ قال في الْقَوَاعِدِ هذا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِيَيْنِ وابن رَزِينٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَصَحَّحَهُ. وقال أبو الْخَطَّابِ لَا يُجْزِئُهُ أَيْضًا من غَيْرِ نِيَّةٍ وَاخْتَارَه ابن عَقِيلٍ وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَيْضًا في فَتَاوِيهِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَهَذَا أَصْوَبُ. وَظَاهِرُ الْفُرُوعِ الْإِطْلَاقُ فإنه قال أَجْزَأَتْ عِنْدَ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ وَعِنْدَ أبي الْخَطَّابِ وابن عَقِيلٍ لَا تجزئ [يجزئ] وَأَطْلَقَهُمَا الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وابن تَمِيمٍ وَالزَّرْكَشِيُّ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ الْأَوَّلِ تُجْزِئُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا. وَعَلَى الثَّانِي تُجْزِئُ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا.
فائدة: مِثْلُ ذلك لو دَفَعَهَا رَبُّ الْمَالِ إلَى مُسْتَحِقِّهَا كُرْهًا وَقَهْرًا قَالَهُ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لو دَفَعَ زَكَاتَهُ إلَى الْإِمَامِ طَائِعًا وَنَوَاهَا الْإِمَامُ دُونَ رَبِّهَا أنها لَا تُجْزِئُ بَلْ هو كَالصَّرِيحِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ. قال الْمَجْدُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَالْخِرَقِيِّ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ وهو اخْتِيَارُ أبي الْخَطَّابِ وابن عَقِيلٍ وابن الْبَنَّاءِ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ في فَتَاوِيهِ وَقَدَّمَه ابن تَمِيمٍ وابن رَزِينٍ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ. وَقِيلَ تُجْزِئُ اخْتَارَه ابن حَامِدٍ وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُمَا. قال في الْمُسْتَوْعِبِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ قال في الْفُرُوعِ أَجْزَأَتْ عِنْدَ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ وَظَاهِرُ الْفُرُوعِ الْإِطْلَاقُ كما تَقَدَّمَ. وَأَمَّا إذَا لم يَنْوِهَا رَبُّهَا وَلَا الْإِمَامُ فَإِنَّهَا لَا تُجْزِئُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وقال الْقَاضِي في مَوْضِعٍ من كَلَامِهِ لَا يَحْتَاجُ الْإِمَامُ إلَى نِيَّةٍ منه وَلَا من رَبِّ الْمَالِ. قُلْت فَعَلَى هذا الْقَوْلِ يُعَايَى بها. وَأَطْلَقَهُمَا الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَالزَّرْكَشِيُّ فَعَلَى الْمَذْهَبِ تَقَعُ نَفْلًا ويطالب [وطالب] بها.
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا لو غَابَ الْمَالِكُ أو تَعَذَّرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ بِحَبْسٍ وَنَحْوِهِ فَأَخَذَ السَّاعِي من مَالِهِ أجرا [أجزأ] ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَجْهًا وَاحِدًا لِأَنَّ له وِلَايَةَ أَخْذِهَا إذَنْ وَنِيَّةُ الْمَالِكِ مُتَعَذِّرَةٌ بما [مما] يُعْذَرُ فيه. الثَّانِيَةُ إذَا دَفَعَ زَكَاتَهُ إلَى الْإِمَامِ وَنَوَاهَا دُونَ الْإِمَامِ أَجْزَأَتْهُ لِأَنَّهُ لَا تُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْمُسْتَحِقِّ فكذا نَائِبُهُ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَإِنْ دَفَعَهَا إلَى وَكِيلِهِ اُعْتُبِرَتْ النِّيَّةُ من الْمُوَكِّلِ دُونَ الْوَكِيلِ. أَنَّهُ سَوَاءٌ بَعْدَ دَفْعِ الْوَكِيلِ أو لَا. وَاعْلَمْ أنها إذَا دَفَعَهَا الْوَكِيلُ من غَيْرِ نِيَّةٍ فَتَارَةً يَدْفَعُهَا بَعْدَ زَمَنٍ يَسِيرٍ وَتَارَةً يَدْفَعُهَا بَعْدَ زَمَنٍ طَوِيلٍ فَإِنْ دَفَعَهَا إلَى مُسْتَحِقِّهَا بَعْدَ زَمَنٍ يَسِيرٍ أَجْزَأَتْ وَإِنْ دَفَعَهَا بَعْدَ زَمَنٍ طَوِيلٍ من نِيَّةِ الْوَكِيلِ فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْإِجْزَاءُ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ. قال في الْفُرُوعِ تُجْزِئُ عِنْدَ أبي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْخُلَاصَةِ وَقَدَّمَهُ في الْمَذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ. وقال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ لَا بُدَّ من نِيَّةِ الْوَكِيلِ أَيْضًا وَالْحَالَةُ هذه وهو الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وابن رَزِينٍ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَصَحَّحَهُ الشَّارِحُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى.
فَوَائِدُ: الْأُولَى لو لم يَنْوِ الْمُوَكِّلُ وَنَوَاهَا الْوَكِيلُ عِنْدَ إخْرَاجِهَا لم تُجْزِهِ وَإِنْ نَوَاهَا الْوَكِيلُ صَحَّ وهو الْأَفْضَلُ بَعْدَ ما بَيَّنَهُمَا أو قَرُبَ. الثَّانِيَةُ أَفَادَنَا الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى جَوَازَ التَّوْكِيلِ في دَفْعِ الزَّكَاةِ وهو صَحِيحٌ لَكِنْ يُشْتَرَطُ فيه أَنْ يَكُونَ ثِقَةً نَصَّ عليه وَأَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال في الْفَائِقِ مُسْلِمًا في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَمُخْتَصَرِ بن تَمِيمٍ وَحَكَى الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وَجْهًا بِجَوَازِ تَوْكِيلِ الذِّمِّيِّ في. إخْرَاجِهَا وَجَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَنَقَلَه ابن تَمِيمٍ عن بَعْضِ الْأَصْحَابِ وَلَعَلَّهُ عَنَى شَيْخَهُ الْمَجْدَ كما لو اسْتَنَابَ ذِمِّيًّا في ذَبْحِ أُضْحِيَّةٍ جَازَ على اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ وقال في الرِّعَايَةِ وَيَجُوزُ تَوْكِيلُ الذِّمِّيِّ في إخْرَاجِ الزَّكَاةِ إذَا نَوَى الْمُوَكِّلَ وَكَفَتْ نِيَّتُهُ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى قُلْت وهو قَوِيٌّ. الثالثة [الثانية] لو قال شَخْصٌ لِآخَرَ أَخْرِجْ عَنِّي زَكَاتِي من مَالِكَ فَفَعَلَ أَجْزَأَ عن الْآمِرِ نَصَّ عليه في الْكَفَّارَةِ وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ منهم الْمُصَنِّفُ في الزَّكَاةِ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ قال في الرِّعَايَةِ بَعْدَ ذِكْرِ النَّصِّ وَأَلْحَقَ الْأَصْحَابُ بها الزَّكَاةَ في ذلك. الرَّابِعَةُ لو وَكَّلَهُ في إخْرَاجِ زَكَاتِهِ وَدَفَعَ إلَيْهِ مَالًا وقال تَصَدَّقْ بِهِ ولم يَنْوِ الزَّكَاةَ فَأَخْرَجَهَا الْوَكِيلُ من الْمَالِ الذي دَفَعَهُ إلَيْهِ وَنَوَاهَا زَكَاةً فَقِيلَ لَا تُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ خَصَّهُ بِمَا يَقْتَضِي النَّفَلَ وَقِيلَ تُجْزِئُهُ لِأَنَّ الزَّكَاةَ صَدَقَةٌ. قُلْت وهو أَوْلَى وقد سَمَّى اللَّهُ الزَّكَاةَ صَدَقَةً. وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ وَمُخْتَصَرِ بن تَمِيمٍ. وَلَوْ قال تَصَدَّقْ بِهِ نَفْلًا أو عن كَفَّارَةٍ ثُمَّ نَوَى الزَّكَاةَ بِهِ قبل أَنْ يَتَصَدَّقَ أَجْزَأَ عنهما لِأَنَّ دَفْعَ وَكِيلِهِ كَدَفْعِهِ فَكَأَنَّهُ نَوَى الزَّكَاةَ ثُمَّ دَفَعَ بِنَفْسِهِ قَالَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَعَلَّلَهُ بِذَلِكَ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ وَمُخْتَصَرِ بن تَمِيمٍ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال فَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِ الْمَجْدِ لَا يُجْزِئُ لِاعْتِبَارِهِمْ النِّيَّةَ عِنْدَ التَّوْكِيلِ. الْخَامِسَةُ في صِحَّةِ تَوْكِيلِ الْمُمَيِّزِ في دَفْعِ الزَّكَاةِ وَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَأَطْلَقَهُمَا هو وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ. قُلْت الْأَوْلَى الصِّحَّةُ لِأَنَّهُ أَهْلٌ لِلْعِبَادَةِ. السَّادِسَةُ لو أَخْرَجَ شَخْصٌ من مَالِهِ زَكَاةً عن حَيٍّ بِغَيْرِ إذْنِهِ لم يَصِحَّ وَإِلَّا صَحَّ قال في الرِّعَايَةِ قُلْت فَإِنْ نَوَى الرُّجُوعَ بها رَجَعَ في قِيَاسِ الْمَذْهَبِ. السَّابِعَةُ لو أَخْرَجَهَا من مَالِ من هِيَ عليه بِغَيْرِ إذْنِهِ وَقُلْنَا يَصِحُّ تَصَرُّفُ الْفُضُولِيِّ مَوْقُوفًا على الْإِجَازَةِ فَأَجَازَهُ رَبُّهُ كَفَتْهُ كما لو أَذِنَ له وَإِلَّا فَلَا. قال في الرِّعَايَةِ وَقُلْت إنْ كان بَاقِيًا بِيَدِ من أَخَذَهُ أَجْزَأَتْ عن رَبِّهِ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ إذَنْ كَالدَّيْنِ فَلَا يُجْزِئُ إسْقَاطُهُ من الزَّكَاةِ. الثَّامِنَةُ لو أَخْرَجَ زَكَاتَهُ من مَالِ غَصْبٍ لم يُجْزِهِ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ إنْ أَجَازَهَا رَبُّهُ كَفَتْ مُخْرِجَهَا وَإِلَّا فَلَا. التَّاسِعَةُ قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ دَفْعِهَا اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا مَغْنَمًا وَلَا تَجْعَلْهَا مَغْرَمًا. وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ زَادَ بَعْضُهُمْ وَيَحْمَدُ اللَّهَ على تَوْفِيقِهِ لِأَدَائِهَا. قَوْلُهُ وَيَقُولُ الْآخِذُ أَجَرَك اللَّهُ فِيمَا أَعْطَيْت وَبَارَكَ لَك فِيمَا أَبْقَيْت وَجَعَلَهُ لَك طَهُورًا. يَعْنِي يُسْتَحَبُّ له قَوْلُ ذلك وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كان الْآخِذُ الْفُقَرَاءَ أو الْعَامِلَ أو غَيْرَهُمَا وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وقال الْقَاضِي في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ على الْعَامِلِ إذَا أَخَذَ الزَّكَاةَ أَنْ يَدْعُوَ لِأَهْلِهَا وَظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ لِأَنَّ لَفْظَةَ على ظَاهِرَةٌ في الْوُجُوبِ. وَأَوْجَبَ الدُّعَاءَ له الظَّاهِرِيَّةُ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَذَكَرَ الْمَجْدُ في قَوْلِهِ على الغاسل [العاسل] سَتْرُ ما رَآهُ أَنَّهُ على الْوُجُوبِ وَذَكَرَ الْقَاضِي في الْعُمْدَةِ وأبو الْخَطَّابِ في التَّمْهِيدِ في بَابِ الْحُرُوفِ أَنَّ على لِلْإِيجَابِ وَجَزَمَ بِه ابن مُفْلِحٍ في أُصُولِهِ قال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ على الْعَامِلِ أَنْ يَقُولَهَا.
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا إنْ عَلِمَ رَبُّ الْمَالِ وقال ابن تَمِيمٍ إنْ ظَنَّ أَنَّ الْآخِذَ أَهْلٌ. لِأَخْذِهَا كُرِهَ إعْلَامُهُ بها على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وقال لِمَ يُبَكِّتُهُ يُعْطِيهِ وَيَسْكُتُ ما حَاجَتُهُ إلَى أَنْ يُقَرِّعَهُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَمُخْتَصَرِ بن تَمِيمٍ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ. وَذَكَرَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ أَنَّ تَرْكَهُ أَفْضَلُ. وقال بَعْضُهُمْ لَا يُسْتَحَبُّ نَصَّ عليه قال في الْكَافِي لَا يُسْتَحَبُّ إعْلَامُهُ وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ إعْلَامُهُ وقال في الرَّوْضَةِ لَا بُدَّ من إعْلَامِهِ قال ابن تَمِيمٍ وَعَنْ أَحْمَدَ مِثْلُهُ كما لو رَآهُ مُتَجَمِّلًا هذا إذَا عَلِمَ أَنَّ من عَادَتِهِ أَخْذَ الزَّكَاةِ فَأَمَّا إنْ كان من عَادَتِهِ أَنْ لَا يَأْخُذَ الزَّكَاةَ فَلَا بُدَّ من إعْلَامِهِ فَإِنْ لم يُعْلِمْهُ لم يُجْزِهِ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ هذا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ عِنْدِي وَاقْتَصَرَ عليه وَتَابَعَهُ في الْفُرُوعِ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ زَكَاةً ظَاهِرًا وَاقْتَصَرَ عليه ابن تَمِيمٍ وقال فيه بُعْدٌ. قُلْت فَعَلَى هذا الْقَوْلِ قد يُعَايَى بها. وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ عَلِمَهُ أَهْلًا لها وَجَهِلَ أَنَّهُ يَأْخُذُهَا أو عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُهَا لم يُجْزِهِ قُلْت بَلَى انْتَهَى. الثَّانِيَةُ يُسْتَحَبُّ إظْهَارُ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ يُسْتَحَبُّ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ لَا يُسْتَحَبُّ. وَقِيلَ إنْ مَنَعَهَا أَهْلُ بَلَدِهِ اُسْتُحِبَّ له إظْهَارُهَا وَإِلَّا فَلَا وَأَطْلَقَهُنَّ بن تَمِيمٍ وَقِيلَ إنْ نفى عنه ظَنُّ السُّوءِ بِإِظْهَارِهِ اُسْتُحِبَّ وَإِلَّا فَلَا اخْتَارَهُ يُوسُفُ الْجَوْزِيُّ ذَكَرَهُ في الْفَائِقِ ولم يَذْكُرْهُ في الْفُرُوعِ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفَائِقِ. قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ نَقْلُهَا إلَى بَلَدٍ تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ. هذا الْمَذْهَبُ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَعْرُوفُ في النَّقْلِ يَعْنِي أَنَّهُ يَحْرُمُ وَسَوَاءٌ في ذلك نَقْلُهَا لِرَحِمٍ أو شِدَّةِ حَاجَةٍ أو لَا نَصَّ عليه وقال الْقَاضِي في تَعْلِيقِهِ وَرِوَايَتَيْهِ وَجَامِعِهِ الصَّغِيرِ وبن. الْبَنَّاءِ يُكْرَهُ نَقْلُهَا من غَيْرِ تَحْرِيمٍ وَنَقَلَ بَكْرُ بن مُحَمَّدٍ لَا يُعْجِبُنِي ذلك. وَعَنْهُ يَجُوزُ نَقْلُهَا إلَى الثَّغْرِ وَعَلَّلَهُ الْقَاضِي بِأَنَّ مُرَابِطَةَ الْغَازِي بِالثَّغْرِ قد تَطُولُ وَلَا يُمْكِنُهُ الْمُفَارَقَةُ. وَعَنْهُ يَجُوزُ نَقْلُهَا إلَى الثَّغْرِ وَغَيْرِهِ مع رُجْحَانِ الْحَاجَةِ قال في الْفَائِقِ وَقِيلَ تُنْقَلُ لِمَصْلَحَةٍ رَاجِحَةٍ كَقَرِيبٍ مُحْتَاجٍ وَنَحْوِهِ وهو الْمُخْتَارُ انْتَهَى وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وقال يُقَيَّدُ ذلك بِمَسِيرَةِ يَوْمَيْنِ وَتَحْدِيدُ الْمَنْعِ من نَقْلِ الزَّكَاةِ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ ليس عليه دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ وَجُعِلَ مَحَلَّ ذلك الْأَقَالِيمُ فَلَا تُنْقَلُ الزَّكَاةُ من إقْلِيمٍ إلَى إقْلِيمٍ وَتُنْقَلُ إلَى نَوَاحِي الْإِقْلِيمِ وَإِنْ كان أَكْثَرَ من يَوْمَيْنِ انْتَهَى وَاخْتَارَ الْآجُرِّيُّ جَوَازَ نَقْلِهَا لِلْقَرَابَةِ.
تَنْبِيهٌ: مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ جَوَازُ نَقْلِهَا إلَى ما دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ يَعْنِي بِالْمَنْعِ. قَوْلُهُ فَإِنْ فَعَلَ فَهَلْ تُجْزِئُهُ على رِوَايَتَيْنِ. ذَكَرَهُمَا أبو الْخَطَّابِ وَمَنْ بَعْدَهُ يَعْنِي إذَا قُلْنَا يَحْرُمُ نَقْلُهَا وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَعُقُودِ بن الْبَنَّا وَالْفُصُولِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَشَرْحِ بن منجا وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. إحْدَاهُمَا تُجْزِئُهُ وَهِيَ الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وأبو الْخَطَّابِ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُمَا قال الْقَاضِي ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ يَقْتَضِي ذلك ولم أَجِدْ عنه نَصًّا في هذه الْمَسْأَلَةِ وَقَدَّمَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ. الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا تُجْزِئُهُ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وابن حَامِدٍ وَالْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ قال في الْفُرُوعِ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وهو ظَاهِرُ ما في الْإِيضَاحِ وَالْعُمْدَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالتَّسْهِيلِ وَغَيْرِهِمْ لِاقْتِصَارِهِمْ على عَدَمِ الْجَوَازِ. قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ في بَلَدٍ لَا فُقَرَاءَ فيه أو كان بِبَادِيَةٍ فَيُفَرِّقُهَا في أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِ. وَهَذَا عِنْدَ من لم يَرَ نَقْلَهَا لِأَنَّهُ كَمَنْ عِنْدَهُ الْمَالُ بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِهِ وَأَطْلَقَ في الرَّوْضَةِ.
فَوَائِدُ: الْأُولَى أُجْرَةُ نَقْلِ الزَّكَاةِ حَيْثُ قُلْنَا بِهِ على رَبِّ الْمَالِ كَوَزْنٍ وَكَيْلٍ. الثَّانِيَةُ الْمُسَافِرُ بِالْمَالِ في الْبُلْدَانِ يُزَكِّيهِ في الْمَوْضِعِ الذي اقامه الْمَالِ فيه أَكْثَرُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ يُوسُفَ بن مُوسَى وَجَزَمَ بِهِ في الْفَائِقِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَالْفُرُوعِ وقال نَقَلَهُ الْأَكْثَرُ لِتَعَلُّقِ الْأَطْمَاعِ بِهِ غَالِبًا. وقال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَتَبِعَهُ في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ نَقْلِ مُحَمَّدِ بن الْحَكَمِ تَفْرِقَتُهُ في بَلَدِ الْوُجُوبِ وَغَيْرِهِ من الْبُلْدَانِ التي كان بها في الْحَوْلِ وَعِنْدَ الْقَاضِي هو كَغَيْرِهِ اعْتِبَارًا بِمَكَانِ الْوُجُوبِ لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى تَأْخِيرِ الزَّكَاةِ وَقِيلَ يُفَرِّقُهَا حَيْثُ حَالَ حَوْلُهُ في أَيِّ مَوْضِعٍ كان وَظَاهِرُ الْمَجْدِ في شَرْحِهِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ. الثَّالِثَةُ لَا يَجُوزُ نَقْلُ الزَّكَاةِ لِأَجْلِ اسْتِيعَابِ الْأَصْنَافِ إذَا أَوْجَبْنَاهُ وَتَعَذَّرَ بِدُونِ النَّقْلِ جَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ يَعْنِي بِالْجَوَازِ وما هو بِبَعِيدٍ. قَوْلُهُ فَإِنْ كان في بَلَدٍ وَمَالُهُ في آخَرَ أَخْرَجَ زَكَاةَ الْمَالِ في بَلَدِهِ. يَعْنِي في بَلَدِ الْمَالِ وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ نَصَّ عليه لَكِنْ لو كان الْمَالُ مُتَفَرِّقًا زَكَّى كُلَّ مَالٍ حَيْثُ هو. وَإِنْ كان نِصَابًا من السَّائِمَةِ في بَلَدَيْنِ فَعَنْهُ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا تَلْزَمُهُ في كل بَلَدٍ تَعَذَّرَ ما فيه من الْمَالِ لِئَلَّا يَنْقُلَ الزَّكَاةَ إلَى غَيْرِ بَلَدِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ. الْوَجْهُ الثَّانِي يَجُوزُ إخْرَاجُهَا في أَحَدِهِمَا لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى تَشْقِيصِ زَكَاةِ الْحَيَوَانِ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ هذا ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ. قُلْت وهو أَوْلَى وَيُغْتَفَرُ مِثْلُ هذا لِأَجْلِ الضَّرَرِ لِحُصُولِ التَّشْقِيصِ وهو مُنْتَفٍ شَرْعًا وَأَطْلَقَهُمَا الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ. قَوْلُهُ وَفِطْرَتُهُ في الْبَلَدِ الذي هو فيه. وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ لو نَقَلَهَا فَفِي الْإِجْرَاءِ الرِّوَايَتَانِ الْمُتَقَدِّمَتَانِ في كَلَامِ الْمُصَنِّف نَقْلًا وَمَذْهَبًا.
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا يُؤَدِّي زَكَاةَ الْفِطْرِ عَمَّنْ يُمَوِّنُهُ كَعَبْدِهِ وَوَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمَا في الْبَلَدِ الذي هو فيه قَدَّمَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَنَصَرَهُ وقال نَصَّ عليه قال في الْفُرُوعِ هو ظَاهِرُ كَلَامِهِ وكذا قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَقِيلَ يُؤَدِّيهِ في بَلَدِ من لَزِمَهُ الْإِخْرَاجُ عَنْهُمْ قال في الْفُرُوعِ قَدَّمَهُ بَعْضُهُمْ. قُلْت قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في الْفِطْرَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ. الثَّانِيَةُ يَجُوزُ نَقْلُ الْكَفَّارَةِ وَالنَّذْرِ وَالْوَصِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ إلَى بَلَدٍ تُقْصَرُ فيه الصَّلَاةُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وعليه [وعلى] أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَصَحَّحُوهُ وقال في التَّلْخِيصِ وَخَرَّجَ الْقَاضِي وَجْهًا في الْكَفَّارَةِ بِالْمَنْعِ فَيُخَرَّجُ في النَّذْرِ وَالْوَصِيَّةِ مِثْلُهُ أَمَّا الْوَصِيَّةُ. الفقراء [لفقراء] الْبَلَدِ فَيَتَعَيَّنُ صَرْفُهَا في فُقَرَائِهِ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بن إبْرَاهِيمَ.
فائدة: قَوْلُهُ وإذا حَصَلَ عِنْدَ الْإِمَامِ مَاشِيَةٌ اُسْتُحِبَّ له وَسْمُ الْإِبِلِ في أَفْخَاذِهَا. وَكَذَلِكَ الْبَقَرُ وَأَمَّا الْغَنَمُ فَفِي آذَانِهَا كما قال الْمُصَنِّفُ وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ قال أبو الْمَعَالِي بن المنجا [المنجى] الْوَسْمُ بِالْحِنَّاءِ أو بِالْقِيرِ أَفْضَلُ انْتَهَى. وَيَأْتِي مَتَى تُمْلَكُ الزَّكَاةُ وَالصَّدَقَةُ في أَوَاخِرِ الْبَابِ الذي بَعْدَهُ. قَوْلُهُ وَيَجُوزُ تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ عن الْحَوْلِ إذَا كَمُلَ النِّصَابُ. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعُوا بِهِ كَالدَّيْنِ وَدِيَةِ الْخَطَأِ نَقَلَ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ لَا بَأْسَ بِهِ زَادَ الْأَثْرَمُ هو مِثْلُ الْكَفَّارَةِ قبل الْحِنْثِ وَالظِّهَارُ أَصْلُهُ قال في الْفُرُوعِ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُمَا على حَدٍّ وَاحِدٍ فِيهِمَا الْخِلَافُ في الْجَوَازِ وَالْفَضِيلَةِ.
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا تَرْكُ التَّعْجِيلِ أَفْضَلُ قال في الْفُرُوعِ هذا ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ قال وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ تُعْتَبَرُ الْمَصْلَحَةُ. قُلْت وهو تَوْجِيهٌ حَسَنٌ وَتَقَدَّمَ نَقْلُ الْأَثْرَمِ. الثَّانِيَةُ قال في الْفُرُوعِ في كَلَامِ الْقَاضِي وَصَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا إنَّ النِّصَابَ وَالْحَوْلَ سَبَبَانِ فَقُدِّمَ الْإِخْرَاجُ على أَحَدِهِمَا. قُلْت صَرَّحَ بِذَلِكَ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ. وقال في الْمُحَرَّرِ الْحَوْلُ شَرْطٌ في زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ وَالنَّقْدَيْنِ وَعُرُوضِ التِّجَارَةِ قال في الْفُرُوعِ وفي كَلَامِ الشَّيْخِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُمَا شَرْطَانِ. قُلْت صَرَّحَ بِذَلِكَ في الْمُقْنِعِ فقال في أَوَّلِ كِتَابِ الزَّكَاةِ الشَّرْطُ الثَّالِثُ مِلْكُ نِصَابٍ وقال بَعْدَ ذلك الْخَامِسُ مضى الْحَوْلِ شَرْطٌ وَصَرَّحَ بِهِ في. الْمُبْهِجِ وَالْكَافِي قال في الْفُرُوعِ وفي كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّهُمَا سَبَبٌ وَشَرْطٌ. قُلْت وهو أَيْضًا في كَلَامِ الْمَجْدِ في شَرْحِهِ. وقال في الْوَجِيزِ وَمِلْكُ النِّصَابِ شَرْطٌ وَسَكَتَ عن الْحَوْلِ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ جَوَازُ تَعْجِيلِ زَكَاةِ مَالِ الْمَحْجُورِ عليه وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَكَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وَقَدَّمَهُ في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَجُوزُ تَعْجِيلُهَا. قُلْت وهو الْأَوْلَى. وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالْفَائِقِ وابن تَمِيمٍ. قَوْلُهُ وفي تَعْجِيلِهَا لِأَكْثَرَ من حَوْلِ رِوَايَتَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَمُنْتَهَى الْغَايَةِ له وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَالشَّارِحُ. إحْدَاهُمَا يَجُوزُ تَعْجِيلُهَا لِحَوْلَيْنِ فَقَطْ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صَحَّحَه ابن تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالتَّصْحِيحِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَمَالَ إلَيْهِ في الشَّرْحِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يجوز [تجوز] لِأَكْثَرَ من حَوْلٍ لِأَنَّ الْحَوْلَ الثَّانِيَ لم يَنْعَقِدْ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالتَّسْهِيلِ قال في الْإِفَادَاتِ وَالْمُنْتَخَبِ ويجوز [ويحوز] لِحَوْلٍ وَصَحَّحَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَاخْتَارَه ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ. وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وابن تَمِيمٍ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا يَجُوزُ تَعْجِيلُهَا لِثَلَاثَةِ أَعْوَامٍ فَأَكْثَرَ قال ابن عَقِيلٍ في. الْفُصُولِ لَا تَخْتَلِفُ الرِّوَايَةُ فيه اقْتِصَارًا على ما وَرَدَ قال ابن تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ رِوَايَةً وَاحِدَةً وَجَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وَعَنْهُ يَجُوزُ التَّعْجِيلُ لِثَلَاثَةِ أَعْوَامٍ فَأَكْثَرَ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وهو تَابِعٌ لِصَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ فِيهِمَا وَهَكَذَا في التَّلْخِيصِ. لَكِنْ وُجِدَ في بَعْضِ نُسَخِ الْمُقْنِعِ وفي تَعْجِيلِهَا لِحَوْلَيْنِ رِوَايَتَانِ وَالنُّسْخَةُ الْأُولَى مَقْرُوءَةٌ على الْمُصَنِّفِ. قال صَاحِبُ التَّبْصِرَةِ يَجُوزُ أَعْوَامًا نَقَلَهُ عنه ابن تَمِيمٍ. وقال في الرَّوْضَةِ يَجُوزُ لِأَعْوَامٍ نَقَلَهُ عنه في الْفَائِقِ وقال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ أو عن ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ أو عن أَكْثَرَ.
فائدة: إذَا قُلْنَا يَجُوزُ التَّعْجِيلُ لِعَامَيْنِ فَعَجَّلَ عن أَرْبَعِينَ شَاةً شَاتَيْنِ من غَيْرِهَا جَازَ وَمِنْهَا لَا يَجُوزُ عنهما وَيَنْقَطِعُ الْحَوْلُ وَكَذَا لو عَجَّلَ شَاةً وَاحِدَةً عن الْحَوْلِ الثَّانِي وَحْدَهُ لِأَنَّ ما عَجَّلَهُ منه لِلْحَوْلِ الثَّانِي زَالَ مِلْكُهُ عنه وَلَوْ قُلْنَا يَرْتَجِعُ ما عَجَّلَهُ لِأَنَّهُ تَحْدِيدُ مِلْكٍ فَإِنْ مَلَكَ شَاةً اسْتَأْنَفَ الْحَوْلَ من الْكَمَالِ. وَقِيلَ إنْ عَجَّلَ شَاةً من الْأَرْبَعِينَ أَجْزَأَ عن الْحَوْلِ الْأَوَّلِ إنْ قُلْنَا يَرْجِعُ وَإِنْ عَجَّلَ وَاحِدَةً من الْأَرْبَعِينَ وَأُخْرَى من غَيْرِهَا جَازَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وابن حَمْدَانَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ. وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَإِنْ أَخْرَجَ شَاةً منه وَشَاةً من غَيْرِهِ أَجْزَأَ عن الْحَوْلِ الْأَوَّلِ ولم يُجْزِئْ عن الثَّانِي لِأَنَّ النِّصَابَ نَقَصَ وَإِنْ تَكَمَّلَ بِهِ ذلك صَارَ إخْرَاجُ زَكَاتِهِ وَتَعْجِيلُهُ لها قبل كَمَالِ نِصَابِهَا. قَوْلُهُ فَإِنْ عَجَّلَهَا عن النِّصَابِ وما يَسْتَفِيدُهُ أَجْزَأَ عن النِّصَابِ دُونَ الزِّيَادَةِ. وَكَذَا لو عَجَّلَ زَكَاةَ نِصَابَيْنِ من مَلَكَ نِصَابًا وَهَذَا الْمَذْهَبُ فِيهِمَا نَصَّ عليه. وَعَنْهُ تُجْزِئُ عن الزِّيَادَةِ أَيْضًا لِوُجُوبِ سَبَبِهَا في الْجُمْلَةِ حَكَاهَا ابن عَقِيلٍ. قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ من هذه الرِّوَايَةِ احْتِمَالُ تَخْرِيجٍ بِضَمِّهِ إلَى الْأَصْلِ في حَوْلِ الْوُجُوبِ وَكَذَا في التَّعْجِيلِ وَلِهَذَا اخْتَارَ في الِانْتِصَارِ تُجْزِئُ عن الْمُسْتَفَادِ من النِّصَابِ فَقَطْ وَقِيلَ بِهِ إنْ لم يَبْلُغْ الْمُسْتَفَادُ نِصَابًا لِأَنَّهُ يَتْبَعُهُ في الْوُجُوبِ وَالْحَوْلِ كموجود [كوجود] فإذا بَلَغَهُ اُسْتُقْبِلَ بِالْوُجُوبِ في الْجُمْلَةِ لو لم يُوجَدْ الْأَصْلُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفَائِقِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى في الثَّانِيَةِ. وَقِيلَ يُجْزِئُ عن النَّمَاءِ إنْ ظَهَرَ وَإِلَّا فَلَا ذَكَرَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ. وقال في الْقَاعِدَةِ الْعِشْرِينَ لو عَجَّلَ الزَّكَاةَ عن نَمَاءِ النِّصَابِ قبل وُجُودِهِ فَهَلْ يُجْزِئُهُ فيه ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ ثَالِثُهَا يُفَرَّقُ بين أَنْ يَكُونَ النَّمَاءُ نِصَابًا فَلَا يَجُوزُ وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ دُونَهُ فَيَجُوزُ قال وَيَتَخَرَّجُ وَجْهٌ رَابِعٌ بِالْفَرْقِ بين أَنْ يَكُونَ النَّمَاءُ نِتَاجَ مَاشِيَةٍ أو رِبْحَ تِجَارَةٍ فَيَجُوزُ في الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي.
فَوَائِدُ: إحْدَاهَا لو عَجَّلَ عن خَمْسَ عَشْرَةَ من الْإِبِلِ وَعَنْ نِتَاجِهَا بِنْتَ مَخَاضٍ فَنَتَجَتْ مِثْلَهَا فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أنها لَا تُجْزِئُهُ وَيَلْزَمُهُ بِنْتُ مَخَاضٍ قال في الْفُرُوعِ هذا الْأَشْهَرُ وَقِيلَ يُجْزِئُهُ وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَعَلَى الْمَذْهَبِ هل له أَنْ يَرْتَجِعَ لِلْمُعَجَّلَةِ على وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وابن تَمِيمٍ. قُلْت الْأَوْلَى جَوَازُ الِارْتِجَاعِ. فَإِنْ جَازَ الِارْتِجَاعُ فَأَخَذَهَا ثُمَّ دَفَعَهَا إلَى الْفَقِيرِ جَازَ وَإِنْ اعْتَدَّ بها قبل أَخْذِهَا لم يَجُزْ لِأَنَّهَا على مِلْكِ الْفَقِيرِ. الثَّانِيَةُ لو عَجَّلَ مُسِنَّةً عن ثَلَاثِينَ بَقَرَةً وَنِتَاجِهَا فَنَتَجَتْ عَشْرًا فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أنها لَا تُجْزِئُهُ عن الْجَمِيعِ بَلْ عن الثَّلَاثِينَ قال في الْفُرُوعِ هذا. الْأَشْهَرُ وَقِيلَ تُجْزِئُهُ عن الْجَمِيعِ وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَعَلَى الْمَذْهَبِ ليس له ارْتِجَاعُهَا وَيُخْرِجُ لِلْعُشْرِ رُبُعَ مُسِنَّةٍ وَعَلَى قَوْلِ بن حَامِدٍ يُخَيَّرُ بين ذلك وَبَيْنَ ارْتِجَاعِ الْمُسِنَّةِ وَيُخْرِجُهَا أو غَيْرَهَا عن الْجَمِيعِ. الثَّالِثَةُ لو عَجَّلَ عن أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةً ثُمَّ أَبْدَلَهَا بِمِثْلِهَا أو نَتَجَتْ أَرْبَعِينَ سَخْلَةً ثُمَّ مَاتَتْ الْأُمَّاتُ أَجْزَأَ الْمُعَجَّلُ عن الْبَدَلِ وَالسِّخَالِ لِأَنَّهَا تُجْزِئُ مع بَقَاءِ الْأُمَّاتِ عن الْكُلِّ فَعَنْ أَحَدِهِمَا أَوْلَى وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وابن تَمِيمٍ وقال قَطَعَ بِهِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَذَكَرَ أبو الْفَرَجِ بن أبي الْفَهْمِ وَجْهًا لَا تُجْزِئُ لِأَنَّ التَّعْجِيلَ كان لِغَيْرِهَا وَأَطْلَقَهُمَا في الْحَاوِيَيْنِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو عَجَّلَ شَاةً عن مِائَةِ شَاةٍ أو تَبِيعًا عن ثَلَاثِينَ بَقَرَةً ثُمَّ نَتَجَتْ الْأُمَّاتُ مِثْلَهَا وَمَاتَتْ أَجْزَأَ الْمُعَجَّلُ عن النِّتَاجِ لِأَنَّهُ يَتْبَعُ في الْحَوْلِ وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وَقِيلَ لَا يُجْزِئُ لِأَنَّهُ لَا يُجْزِئُ مع بَقَاءِ الْأُمَّاتِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وابن تَمِيمٍ وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ. فَعَلَى الْأَوَّلِ لو نَتَجَتْ نِصْفُ الشِّيَاهِ مِثْلَهَا ثُمَّ مَاتَتْ أُمَّاتُ الْأَوْلَادِ أَجْزَأَ الْمُعَجَّلُ عنها. وَعَلَى الثَّانِي يَجِبُ مِثْلُهُ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ لِأَنَّهُ نِصَابٌ لم يُزَكِّهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ بِنِصْفِ شَاةٍ لِأَنَّهُ قَسَّطَ السِّخَالَ من وَاجِبِ الْمَجْمُوعِ ولم يَصِحَّ التَّعْجِيلُ عنها وقال أبو الْفَرَجِ لَا يَجِبُ شَيْءٌ قال ابن تَمِيمٍ وهو الْأَشْبَهُ بِالْمَذْهَبِ وَأَطْلَقَهُنَّ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَمُخْتَصَرِ بن تَمِيمٍ. وَلَوْ نَتَجَتْ نِصْفُ الْبَقَرِ مِثْلَهَا ثُمَّ مَاتَتْ الْأُمَّاتُ أَجْزَأَ الْمُعَجَّلُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَمُخْتَصَرِ بن تَمِيمٍ لِأَنَّ الزَّكَاةَ وَجَبَتْ في الْعُجُولِ تَبَعًا وَجَزَمَ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ على الثَّانِي بِنِصْفِ تَبِيعٍ بِقَدْرِ قِيمَتِهَا قِسْطُهَا من الْوَاجِبِ. الرَّابِعَةُ لو عَجَّلَ عن أَحَدِ نِصَابَيْهِ وَتَلِفَ لم يَصْرِفْهُ إلَى الْآخَرِ كما لو عَجَّلَ شَاةً عن خَمْسٍ من الْإِبِلِ فَتَلِفَتْ وَلَهُ أَرْبَعُونَ شَاةً لم يُجْزِهِ عنها وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وقال الْقَاضِي في تَخْرِيجِهِ من له ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ وَعُرُوضٌ فَعَجَّلَ عن جِنْسٍ منها ثُمَّ تَلِفَ صَرَفَهُ إلَى الْآخَرِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ. الْخَامِسَةُ لو كان له أَلْفُ دِرْهَمٍ وَقُلْنَا يَجُوزُ التَّعْجِيلُ لِعَامَيْنِ وَعَنْ الزِّيَادَةِ قبل حُصُولِهَا فَعَجَّلَ خَمْسِينَ وقال إنْ رَبِحْت أَلْفًا قبل الْحَوْلِ فَهِيَ عنها وَإِلَّا كانت لِلْحَوْلِ الثَّانِي جَازَ. السَّادِسَةُ لو عَجَّلَ عن أَلْفٍ يَظُنُّهَا له فَبَانَتْ خَمْسَمِائَةٍ أَجْزَأَ عن عَامَيْنِ. قَوْلُهُ وَإِنْ عَجَّلَ عُشْرَ الثَّمَرَةِ قبل طُلُوعِ الطَّلْعِ وَالْحِصْرِمِ لم يُجْزِهِ. وَكَذَا لو عَجَّلَ عُشْرَ الزَّرْعِ قبل ظُهُورِهِ وَالْمَاشِيَةِ قبل سَوْمِهَا وَهَذَا الْمَذْهَبُ في ذلك كُلِّهِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ يَجُوزُ بَعْدَ مِلْكِ الشَّجَرِ وَوَضْعِ الْبَذْرِ في الْأَرْضِ لِأَنَّهُ لم يَبْقَ لِلْوُجُوبِ إلَّا مُضِيُّ الْوَقْتِ عَادَةً كَالنِّصَابِ الْحَوْلِيِّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَنَقَلَ بن مَنْصُورٍ وَصَالِحٌ لِلْمَالِكِ أَنْ يَحْتَسِبَ في الْعُشْرِ بِمَا زَادَ عليه السَّاعِي لِسَنَةٍ أُخْرَى.
تَنْبِيهٌ: مَفْهُومُ قَوْلِهِ قبل طُلُوعِ الطَّلْعِ وَالْحِصْرِمِ جَوَازُ التَّعْجِيلِ بَعْدَ طُلُوعِ ذلك وَظُهُورِهِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ لِأَنَّ ظُهُورَ ذلك كَالنِّصَابِ وَالْإِدْرَاكُ كَالْحَوْلِ جَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْوَجِيزِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَمُخْتَصَرِ بن تَمِيمٍ. وَقِيلَ لَا يَجُوزُ حتى يَشْتَدَّ الْحَبُّ وَيَبْدُوَ صَلَاحُ الثَّمَرَةِ لِأَنَّهُ السَّبَبُ جَزَمَ. بِهِ في الْمُبْهِجِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَقَدَّمَه ابن رَزِينٍ وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ. وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْت وَكَذَا يُخَرَّجُ الْخِلَافُ إنْ أَسَامَهَا دُونَ أَكْثَرِ السَّنَةِ. وقال ابن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِي الْفُرُوعِ لَا يَجُوزُ تَعْجِيلُ الْعُشْرِ لِأَنَّهُ يَجِبُ بِسَبَبٍ وَاحِدٍ وهو بُدُوُّ الصَّلَاحِ وَجَوَّزَهُ أبو الْخَطَّابِ إذَا ظَهَرَتْ الثَّمَرَةُ وَطَلَعَ الزَّرْعُ انْتَهَى.
فائدة: لَا يَصِحُّ تَعْجِيلُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ بِحَالٍ بِسَبَبِ أَنَّ وُجُوبَهَا يُلَازِمُ وُجُودَهَا ذَكَرَهُ في الْكَافِي وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ وَإِنْ عَجَّلَ زَكَاةَ النِّصَابِ فَتَمَّ الْحَوْلُ وهو نَاقِصٌ قَدْرَ ما عَجَّلَهُ جَازَ. وكان حُكْمُ ما عَجَّلَهُ كَالْمَوْجُودِ في مِلْكِهِ يَتِمُّ بِهِ النِّصَابُ لِأَنَّهُ كَمَوْجُودٍ في مِلْكِهِ وَقْتَ الْحَوْلِ في إجْزَائِهِ عن مَالِهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ وقال أبو حَكِيمٍ لَا يُجْزِئُ وَيَكُونُ نَفْلًا وَيَكُونُ كَتَالِفٍ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو مَلَكَ مِائَةً وَعِشْرِينَ شَاةً فَعَجَّلَ شَاةً ثُمَّ نَتَجَتْ قبل الْحَوْلِ وَاحِدَةً لَزِمَهُ شَاةٌ ثَانِيَةٌ وَعَلَى الثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ. قَوْلُهُ وَإِنْ عَجَّلَ زَكَاةَ الْمِائَتَيْنِ فَنَتَجَتْ عِنْدَ الْحَوْلِ سَخْلَةً لَزِمَتْهُ شَاةٌ ثَالِثَةٌ. بِنَاءً على الْمَذْهَبِ في الْمَسْأَلَةِ التي قَبْلَهَا وَعَلَى قَوْلِ أبي حَكِيمٍ لَا يَلْزَمُهُ. وَمِنْ فَوَائِدِ الْخِلَافِ أَيْضًا لو عَجَّلَ عن ثَلَاثِمِائَةِ دِرْهَمٍ خَمْسَ دَرَاهِمَ ثُمَّ حَالَ الْحَوْلُ لَزِمَهُ زَكَاةُ مِائَةٍ دِرْهَمَانِ وَنِصْفٌ وَنَقَلَهُ مُهَنَّا. وَعَلَى الثَّانِي يَلْزَمُهُ زَكَاةُ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ دِرْهَمًا. وقال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَتَبِعَهُ في الْفُرُوعِ على الثَّانِي يَلْزَمُهُ زَكَاةُ اثْنَيْنِ وَتِسْعِينَ وَنِصْفِ دِرْهَمٍ. وَهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ سَهْوٌ لِأَنَّ الْبَاقِيَ في مِلْكِهِ بَعْدَ إخْرَاجِ الْخَمْسَةِ الْمُعَجَّلَةِ مِائَتَانِ وَخَمْسَةٌ وَتِسْعُونَ فَالْخَمْسَةُ الْمُخْرَجَةُ أَجْزَأَتْ عن مِائَتَيْنِ وَهِيَ كَالتَّالِفَةِ على قَوْلِ أبي حَكِيمٍ فَلَا تَجِبُ فيها زَكَاةٌ وَإِنَّمَا الزَّكَاةُ على الْبَاقِي وَهِيَ خَمْسَةٌ وَتِسْعُونَ. وَمِنْ فَوَائِدِ الْخِلَافِ أَيْضًا لو عَجَّلَ عن أَلْفٍ خَمْسًا وَعِشْرِينَ منها ثُمَّ رَبِحَتْ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ لَزِمَهُ زَكَاتُهَا على الْمَذْهَبِ وَعَلَى الثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. وَمِنْهَا لو تَغَيَّرَ بِالْمُعَجَّلِ قَدْرُ الْفَرْضِ قُدِّرَ كَذَلِكَ على الْمَذْهَبِ وَعَلَى الثَّانِي لَا.
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا لو نَتَجَ الْمَالُ ما يَتَغَيَّرُ بِهِ الْفَرْضُ كما لو عَجَّلَ تَبِيعًا عن ثَلَاثِينَ من الْبَقَرِ فَنَتَجَتْ عشر [عشرا] فَفِيهِ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا لَا يُجْزِئُهُ الْمُعَجَّلُ عن شَيْءٍ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُجْزِئُهُ عَمَّا عَجَّلَهُ وَيَلْزَمُهُ لِلنِّتَاجِ رُبُعُ مُسِنَّةٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَمُخْتَصَرِ بن تَمِيمٍ. فَعَلَى الْأَوَّلِ هل له ارْتِجَاعُ الْمُعَجَّلِ على وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَمُخْتَصَرِ بن تَمِيمٍ. قُلْت إنْ كان الْمُعَجَّلُ مَوْجُودًا سَاغَ ارْتِجَاعُهُ. الثَّانِيَةُ لو أَخَذَ السَّاعِي فَوْقَ حَقِّهِ من رَبِّ الْمَالِ اعْتَدَّ بِالزِّيَادَةِ من سَنَةٍ ثَانِيَةٍ نَصَّ عليه وقال الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَيْضًا يَحْسِبُ ما أَهْدَاهُ لِلْعَامِلِ من الزَّكَاةِ أَيْضًا وَعَنْهُ لَا يُعْتَدُّ بِذَلِكَ. وَجَمَعَ الْمُصَنِّفُ بين الرِّوَايَتَيْنِ فقال إنْ نَوَى الْمَالِكُ التَّعْجِيلَ اُعْتُدَّ بِهِ وَإِلَّا فَلَا وَحَمَلَهَا على ذلك وَحَمَلَ الْمَجْدُ رِوَايَةَ الْجَوَازِ على أَنَّ السَّاعِيَ أَخَذَ الزِّيَادَةَ بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ إذَا نَوَى التَّعْجِيلَ قال وَإِنْ عَلِمَ أنها لَيْسَتْ عليه وَأَخَذَهَا لم يُعْتَدَّ بها. على الْأَصَحِّ لِأَنَّهُ أَخَذَهَا غَصْبًا قال وَلَنَا رِوَايَةٌ أَنَّ من ظُلِمَ في خَرَاجِهِ يَحْتَسِبُهُ من الْعُشْرِ أو من خَرَاجٍ آخَرَ فَهَذَا أَوْلَى وَنَقَلَ عنه حَرْبٌ في أَرْضِ صُلْحٍ يَأْخُذُ السُّلْطَانُ منها نِصْفَ الْغَلَّةِ ليس له ذلك قِيلَ له فيزكى الْمَالِكُ عَمَّا بَقِيَ في يَدِهِ قال يُجْزِئُ ما أَخَذَهُ السُّلْطَانُ من الزَّكَاةِ يَعْنِي إذَا نَوَى بِهِ الْمَالِكُ. وقال ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ إنْ زَادَ في الْخِرْصِ هل يُحْتَسَبُ بِالزِّيَادَةِ من الزَّكَاةِ فيه رِوَايَتَانِ قال وَحَمَلَ الْقَاضِي الْمَسْأَلَةَ على أَنَّهُ يُحْتَسَبُ بِنِيَّةِ الْمَالِكِ وَقْتَ الْأَخْذِ وَإِلَّا لم يُجْزِهِ. وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ما أَخَذَهُ بِاسْمِ الزَّكَاةِ وَلَوْ فَوْقَ الْوَاجِبِ بِلَا تَأْوِيلٍ اُعْتُدَّ بِهِ وَإِلَّا فَلَا. وقال في الرِّعَايَةِ يُعْتَدُّ بِمَا أَخَذَهُ وَعَنْهُ بِوَجْهٍ سَائِغٍ وَكَذَا ذَكَرَه ابن تَمِيمٍ في آخِرِ فَصْلِ شِرَاءِ الذِّمِّيِّ لِأَرْضٍ عُشْرِيَّةٍ وَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِهِ. قَوْلُهُ وَإِنْ عَجَّلَهَا فَدَفَعَهَا إلَى مُسْتَحِقِّهَا فَمَاتَ أو ارْتَدَّ أو اسْتَغْنَى. يَعْنِي من دُفِعَتْ إلَيْهِ من هَؤُلَاءِ أَجْزَأَتْ عنه وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ لَا يُجْزِئُهُ وهو وَجْهٌ ذَكَرَه ابن عَقِيلٍ.
تَنْبِيهٌ: مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ دَفَعَهَا إلَى غَنِيٍّ فَافْتَقَرَ عِنْدَ الْوُجُوبِ لم تُجْزِهِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ غنى جَازَ الدَّفْعُ إلَيْهِ بِلَا نِزَاعٍ وأما إذَا دَفَعَهَا إلَيْهِ ظَانًّا أَنَّهُ فَقِيرٌ وهو في الْبَاطِنِ غَنِيٌّ فَيَأْتِي كَلَامُ الْمُصَنِّفِ في آخِرِ الْبَابِ الذي بَعْدَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ دَفَعَهَا إلَى من لَا يَسْتَحِقُّهَا وهو لَا يَعْلَمُ ثُمَّ عَلِمَ.
فائدة: أَفَادَنَا الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ عَجَّلَهَا ثُمَّ هَلَكَ الْمَالُ قبل الْحَوْلِ لم يَرْجِعْ على الْمَسَاكِينِ أَنَّ الزَّكَاةَ إذَا عَجَّلَهَا ثُمَّ هَلَكَ الْمَالُ قبل الْحَوْلِ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ عليه وهو صَحِيحٌ لِأَنَّا تَبَيَّنَّا أَنَّ الْمُخْرَجَ غَيْرُ زَكَاةٍ وَكَذَا الْحُكْمُ. لو ارْتَدَّ الْمَالِكُ أو نَقَصَ النِّصَابُ وَكَذَا لو مَاتَ الْمَالِكُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ إنْ مَاتَ بَعْدَ أَنْ عَجَّلَ وَقَعَتْ الْمَوْقِعَ وَأَجْزَأَتْ عن الْوَارِثِ. قَوْلُهُ لم يَرْجِعْ على الْمَسَاكِينِ. اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا بَانَ أَنَّ الْمُخْرَجَ غَيْرُ زَكَاتِهِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الرُّجُوعَ فِيمَا أَخْرَجَهُ مُطْلَقًا اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ قال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ هذا الْمَذْهَبُ لِوُقُوعِهِ نَفْلًا بِدَلِيلِ مِلْكِ الْفَقِيرِ لها قال الْمَجْدُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ قال في الرِّعَايَةِ لم يَرْجِعْ في الْأَصَحِّ. وَقِيلَ يَمْلِكُ الرُّجُوعَ فيه قال الْقَاضِي في الْخِلَافِ أَوْمَأَ إلَيْهِ في رِوَايَةِ مُهَنَّا فِيمَنْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ زَكَاةَ مَالِهِ ثُمَّ عَلِمَ غِنَاهُ يَأْخُذُهَا منه اخْتَارَه ابن حَامِدٍ وابن شِهَابٍ وأبو الْخَطَّابِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وقال غَيْرُ وَاحِدٍ منهم بن تَمِيمٍ على هذا الْقَوْلِ إنْ كان الدَّافِعُ وَلِيَّ رَبِّ الْمَالِ رَجَعَ مُطْلَقًا وَإِنْ كان رَبَّ الْمَالِ وَدَفَعَ إلَى السَّاعِي مُطْلَقًا رَجَعَ فيها ما لم يَدْفَعْهَا إلَى الْفَقِيرِ وَإِنْ دَفَعَهَا إلَيْهِ فَهُوَ كما لو دَفَعَهَا رَبُّ الْمَالِ قال في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ غَيْرُ أحد [واحد] عن بن حَامِدٍ إنْ كان الدَّافِعُ لها السَّاعِيَ رَجَعَ مُطْلَقًا. قُلْت منهم الْمُصَنِّفُ هُنَا. وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ في الْفُرُوعِ وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ على أَنَّ الْخِلَافَ وَجْهَانِ وَحَكَاهُ أبو الْحُسَيْنِ رِوَايَتَيْنِ وَحَكَى في الْوَسِيلَةِ أَنَّ مِلْكَهُ لِلرُّجُوعِ رِوَايَةٌ وَتَقَدَّمَ قَوْلُ الْقَاضِي فيه.
فائدة: لو أَعْلَمَ رَبُّ الْمَالِ السَّاعِيَ أَنَّ هذه زَكَاةٌ مُعَجَّلَةٌ وَدَفَعَهَا السَّاعِي إلَى الْفَقِيرِ رَجَعَ عليه أَعْلَمَهُ السَّاعِي بِذَلِكَ أو لم يُعْلِمْهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَمُخْتَصَرِ بن تَمِيمٍ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ. وَقِيلَ لَا يَرْجِعُ عليه إذَا لم يُعْلِمْهُ اخْتَارَه ابن حَامِدٍ كما قال الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَهِيَ دَاخِلَةٌ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. وَإِنْ دَفَعَهَا رَبُّ الْمَالِ إلَى الْفَقِيرِ وَأَعْلَمَهُ أنها زَكَاةٌ مُعَجَّلَةٌ رَجَعَ عليه وَإِلَّا فَلَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وهو ظَاهِرُ ما اخْتَارَه ابن حَامِدٍ هُنَا وَقِيلَ يَرْجِعُ وَإِنْ لم يُعْلِمْهُ. وَإِنْ عَلِمَ الْفَقِيرُ أنها زَكَاةٌ مُعَجَّلَةٌ رَجَعَ عليه وَإِلَّا فَلَا قال ابن تَمِيمٍ جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ وقال وَإِنْ لم يَعْلَمْ فَأَوْجُهٌ الثَّالِثُ يَرْجِعُ إنْ أَعْلَمَهُ وَإِلَّا فَلَا وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عليه مُطْلَقًا على الْمُقَدَّمِ عِنْدَهُ وقال في الْفُرُوعِ وَقِيلَ في الْوَلِيِّ أَوْجُهٌ الثَّالِثُ يَرْجِعُ إنْ أَعْلَمَهُ قال وكذا من دَفَعَ إلَى السَّاعِي وَقِيلَ يَرْجِعُ إنْ أَعْلَمَهُ وَكَانَتْ بيده.
فائدة: مَتَى كان رَبُّ الْمَالِ صَادِقًا فَلَهُ الرُّجُوعُ بَاطِنًا أَعْلَمَهُ بِالتَّعْجِيلِ أو لَا لَا ظَاهِرًا مع إطْلَاقِ أَنَّهُ خِلَافٌ الظاهر [للظاهر]. وَإِنْ اخْتَلَفَا في ذِكْرِ التَّعْجِيلِ صُدِّقَ الْآخِذُ عَمَلًا بِالْأَصْلِ وَيَحْلِفُ له على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ. وَقِيلَ لَا يَحْلِفُ وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ. وَحَيْثُ قُلْنَا له الرُّجُوعُ وَرَجَعَ فَإِنْ كانت الْعَيْنُ بَاقِيَةً أَخَذَهَا بِزِيَادَتِهَا الْمُتَّصِلَةِ لَا الْمُنْفَصِلَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. قال في الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّمَانِينَ وهو الْأَظْهَرُ لِحُدُوثِهَا في مِلْكِ الْفَقِيرِ كَنَظَائِرِهِ وَأَشَارَ أبو الْمَعَالِي إلَى تَرَدُّدِ الْأَمْرِ بين الزَّكَاةِ وَالْفَرْضِ فإذا تَبَيَّنَّا أنها لَيْسَتْ بِزَكَاةٍ بَقِيَ كَوْنُهَا فَرْضًا. وَقِيلَ يَرْجِعُ بِالْمُنْفَصِلَةِ أَيْضًا كَرُجُوعِ بَائِعِ الْمُفْلِسِ الْمُسْتَرِدِّ عَيْنَ مَالِهِ بها ذَكَرَهُ الْقَاضِي قال في الْقَوَاعِدِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في خِلَافِهِ. وَإِنْ نَقَصَتْ عِنْدَهُ ضَمِنَ نَقْصَهَا كَجُمْلَتِهَا وَأَبْعَاضِهَا كَمَبِيعٍ وَمَهْرٍ وَهَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَه ابن تَمِيمٍ قال وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ الْوَجْهَيْنِ يَعْنِي في ضَمَانِ النَّقْصِ وَلَوْ كان جُزْءًا منها. وَإِنْ كانت تَالِفَةً ضَمِنَ مِثْلَهَا أو قِيمَتَهَا يوم التَّعْجِيلِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ من الْأَصْحَابِ. قال في الْفُرُوعِ وَالْمُرَادُ ما قَالَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ يوم التَّلَفِ على صِفَتِهَا يوم التَّعْجِيلِ لِأَنَّ ما زَادَ بَعْدَ الْقَبْضِ حَدَثَ في مِلْكِ الْفَقِيرِ وَلَا يَضْمَنُهُ وما نَقَصَ يَضْمَنُهُ انْتَهَى. وَأَمَّا ابن تَمِيمٍ فقال ضَمِنَهَا يوم التَّعْجِيلِ. وقال شَيْخُنَا يَعْنِي بِهِ الْمَجْدَ يوم التَّلَفِ على صِفَتِهَا يوم التَّعْجِيلِ. فَصَاحِبُ الْفُرُوعِ فَسَّرَ مُرَادَ الْأَصْحَابِ بِمَا قَالَهُ الْمَجْدُ وابن تَمِيمٍ جَعَلَهُ قَوْلًا ثَانِيًا في الْمَسْأَلَةِ وَتَفْسِيرُ صَاحِبِ الْفُرُوعِ أَوْلَى وَأَقْعَدُ. وقال في الرِّعَايَةِ وَيَغْرَمُ نَقْصَهَا يوم رَدِّهَا أو قِيمَتَهَا إنْ تَلِفَتْ أو مِثْلَهَا يوم عُجِّلَتْ وَقِيلَ بَلْ يوم التَّلَفِ فَصِفَتُهَا يوم عُجِّلَتْ. وَقِيلَ يَضْمَنُ المثلى بمثله وَغَيْرَهُ بِقِيمَتِهِ يوم عُجِّلَ وَلَا يَضْمَنُ نَقْصَهُ.
فَوَائِدُ: منها لو اسْتَسْلَفَ السَّاعِي الزَّكَاةَ فَتَلِفَتْ في يَدِهِ من غَيْرِ تَفْرِيطٍ لم يَضْمَنْهَا وَكَانَتْ من ضَمَانِ الْفُقَرَاءِ سَوَاءٌ سَأَلَهُ الْفُقَرَاءُ ذلك أو رَبُّ الْمَالِ أو لم يَسْأَلْهُ أَحَدٌ هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ. وَقِيلَ إنْ تَلِفَتْ بِيَدِ السَّاعِي ضمنت [ضمن] من مَالِ الزَّكَاةِ قَدَّمَه ابن تَمِيمٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْحَاوِيَيْنِ وَقِيلَ لَا وَذَكَرَ بن حَامِدٍ أَنَّ الْإِمَامَ يَدْفَعُ إلَى الْفَقِيرِ عِوَضَهَا من مَالِ الصَّدَقَاتِ. وَمِنْهَا لو تَعَمَّدَ الْمَالِكُ إتْلَافَ النِّصَابِ أو بَعْضِهِ بَعْدَ التَّعْجِيلِ غير قَاصِدٍ الْفِرَارَ منها فَحُكْمُهُ حُكْمُ التَّالِفِ بِغَيْرِ فِعْلِهِ في الرُّجُوعِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كما لو سَأَلَهُ الْفُقَرَاءُ قَبْضَهَا أو قَبْضَهَا لِحَاجَةِ صِغَارِهِمْ وَكَمَا بَعْدَ الْوُجُوبِ وَقِيلَ لَا يَرْجِعُ. وَقِيلَ لَا يَرْجِعُ فِيمَا إذَا أُتْلِفَتْ دُونَ الزَّكَاةِ لِلتُّهْمَةِ وقال في الرِّعَايَةِ وَهَلْ إتْلَافُهُ مَالَهُ عَمْدًا بَعْدَ التَّعْجِيلِ كَتَلَفِهِ لِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أو كَإِتْلَافِ أَجْنَبِيٍّ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ انْتَهَى. وَمِنْهَا لو أَخْرَجَ زَكَاتَهُ فَتَلِفَتْ قبل أَنْ يَقْبِضَهَا الْفَقِيرُ لَزِمَهُ بَدَلُهَا. وَمِنْهَا يُشْتَرَطُ لِمِلْكِ الْفَقِيرِ لها وَإِجْزَائِهَا عن رَبِّهَا قَبْضُهُ فَلَا يُجْزِئُ غَدَاءُ الْفُقَرَاءِ وَلَا عَشَاؤُهُمْ جَزَمَ بِه ابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ. وَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُ الْفَقِيرِ فيها قبل قَبْضِهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَخَرَّجَ الْمَجْدُ في الْمُعَيَّنَةِ الْمَقْبُولَةِ كَالْمَقْبُوضَةِ كَالْهِبَةِ وَصَدَقَةِ التَّطَوُّعِ وَالرَّهْنِ قال وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ انْتَهَى وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَإِنْ عَيَّنَ زَكَاتَهُ فَقَبِلَهَا الْفَقِيرُ فَتَلِفَتْ قبل قَبْضِهِ لم يُجْزِهِ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ. قال في الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ وَالْأَرْبَعِينَ في الزَّكَاةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْفَرْضِ وَغَيْرِهَا طَرِيقَانِ. أَحَدُهُمَا لَا يَمْلِكُ إلَّا بِالْقَبْضِ رِوَايَةً وَاحِدَةً وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَالشِّيرَازِيِّ في الْمُبْهِجِ وَنَصَّ عليه في مَوَاضِعَ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي لَا يَمْلِكُ في الْمُبْهَمِ بِدُونِ الْقَبْضِ وفي الْمُعَيَّنِ يَمْلِكُ بِالْعَقْدِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي في خِلَافِهِ وابن عَقِيلٍ في مُفْرَدَاتِهِ وَالْحَلْوَانِيِّ وَابْنِهِ إلَّا أَنَّهُمَا حَكَيَا في الْمُعَيَّنِ رِوَايَتَيْنِ كَالْهِبَةِ انْتَهَى. فإذا قُلْنَا تُمْلَكُ بِمُجَرَّدِ الْقَبُولِ فَهَلْ يَجُوزُ بَيْعُهَا. قال في الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالْخَمْسِينَ نَصَّ أَحْمَدُ على جَوَازِ التَّوْكِيلِ قال وهو نَوْعُ تَصَرُّفٍ فَقِيَاسُهُ سَائِرُ التَّصَرُّفَاتِ وَتَكُونُ حِينَئِذٍ كَالْهِبَةِ الْمَمْلُوكَةِ بِالْعَقْدِ. وَلَوْ قال الْفَقِيرُ لِرَبِّ الْمَالِ اشْتَرِ لي بها ثَوْبًا ولم يَقْبِضْهَا منه لم يُجْزِهِ وَلَوْ اشْتَرَاهُ كان لِلْمَالِكِ وَلَوْ تَلِفَ كان من ضَمَانِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ من إذْنِهِ لِغَرِيمِهِ في الصَّدَقَةِ بِدَيْنِهِ عنه أو صَرْفِهِ أو الْمُضَارَبَةِ بِهِ، قُلْت: وَالنَّفْسُ تَمِيلُ إلَى ذلك. وَيَأْتِي في الْبَابِ الذي بَعْدَهُ إذَا أَبْرَأَ الْغَرِيمُ غَرِيمَهُ أو أَحَالَ الْفَقِيرَ بِالزَّكَاةِ هل تَسْقُطُ الزَّكَاةُ عنه عِنْدَ قَوْلِهِ وَيَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَى مُكَاتَبِهِ وَإِلَى غَرِيمِهِ.
|